التدخين ليس وحده المتهم.. عوامل صامتة ترفع معدلات السرطان بين الشباب
لأعوام طويلة، كان التدخين المتهم الأول عندما يتعلق الأمر بالإصابة بالسرطان، ملصقات التحذير، الحملات الإعلامية، والبرامج الصحية ركّزت كلها على السجائر بوصفها الخطر الأكبر.
ورغم نجاح هذه الجهود في خفض أعداد المدخنين، إلا أن خبراء الأورام اليوم يقرعون ناقوس خطر جديد: غير المدخنين أيضًا يتعرضون لأنواع من السرطان كانت تُربط سابقًا بالتبغ وحده.
وتشير دراسات حديثة إلى أن السرطان أصبح ينتشر بشكل متزايد في المدن، حتى بين الشباب والأصحاء، نتيجة مجموعة معقدة من العوامل البيئية والمعيشية.
يستعرض موقع تفصيلة أبرز العوامل التي تسهم في زيادة خطر الإصابة بالسرطان بين غير المدخنين.
يؤكد الدكتور فيجاي كاران ريدي بالكوندا، رئيس قسم الأورام ، أن “الأمر لم يعد سببه عامل واحد، بل خليط من الطعام غير الصحي، والتوتر، والملوثات، والكحول، والالتهابات الفيروسية مثل فيروس الورم الحليمي البشري”، ويضيف: “هذه المخاطر خفية لكنها لا تقل خطورة عن التدخين” بحسب Onlymyhealth.
السمنة وخطر الإصابة بالسرطان
يبدأ الأمر غالبًا بزيادة بسيطة في الوزن يصعب ملاحظتها، لكن الدهون الزائدة خصوصًا حول البطن نشطة هرمونيًا، فهي تفرز الإستروجين والأنسولين، ما يؤدي إلى اضطرابات داخلية قد ترفع خطر الإصابة بسرطانات الثدي والقولون والرحم والبنكرياس.
ويقول الدكتور ريدي: “التغيرات الناتجة عن السمنة تحدث بصمت، وغالبًا لا يدرك الناس خطورتها إلا في مراحل متأخرة”.
تلوث الهواء وخطر الإصابة بالسرطان
في المدن، لا ينفصل نمط الحياة عن الزحام والعوادم والغبار، لكن الخطر الأكبر يكمن في جسيمات PM2.5 الدقيقة، القادرة على اختراق الرئتين والوصول إلى مجرى الدم، ما يسبب التهابات مزمنة وتلفًا تدريجيًا للخلايا.
الدكتور ريدي يشدد على أن:“سرطان الرئة بين غير المدخنين يتزايد، وتلوث الهواء أحد أهم أسبابه”.
ويضيف أن ارتداء الأقنعة، واستخدام أجهزة تنقية الهواء، والمطالبة بسياسات هواء نظيف، تمثل خطوات مهمة للحماية.
فيروس الورم الحليمي البشري وخطر الإصابة بالسرطان
فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) من أكثر الفيروسات انتشارًا، وعادة ما ينتقل عبر الاتصال الحميم.
ورغم أن معظم الإصابات تزول تلقائيًا، إلا أن الأنواع عالية الخطورة قد تُسبب سرطان عنق الرحم وسرطانات الفم والحلق والأعضاء التناسلية.
ويؤكد الدكتور ريدي أن:“HPV أحد أكثر مخاطر السرطان التي يمكن الوقاية منها، بفضل لقاح فعال وفحوصات دورية”.
الإجهاد المزمن وخطر الإصابة بالسرطان
التوتر المستمر أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة العصرية، ولا يُعد التوتر سببًا مباشرًا للسرطان، لكنه يُضعف جهاز المناعة ويُخل بتوازن الهرمونات، ما يجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بأنواع مختلفة من السرطان أو تفاقم العوامل الأخرى المؤدية إليه.
لماذا لا يتم ملاحظة هذه المخاطر؟
بخلاف التدخين الذي يترك آثارًا واضحة، تعمل هذه المخاطر بلا ضجيج:
السمنة تتطور تدريجيًا
تلوث الهواء لا يُرى ولا يُشم
فيروس الورم الحليمي لا يظهر في صورة أعراض
التوتر يتحول إلى “حالة طبيعية”
وهكذا تمر العوامل المسببة للسرطان دون أن يلاحظها كثيرون.
ما الذي يمكن فعله للوقاية من سرطان غير المدخنين؟
بحسب الدكتور ريدي، فإن الوقاية اليوم تتطلب النظر إلى ما هو أبعد من الإقلاع عن التدخين، وتشمل أهم الإجراءات:
الحفاظ على وزن صحي
الحد من شرب الكحول
الوعي بمستويات التلوث واتخاذ احتياطات الحماية
إدارة التوتر بطرق فعّالة
التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري
إجراء الفحوصات الدورية وممارسة سلوكيات صحية آمنة
ويقول: “التغييرات البسيطة والمستمرة في نمط الحياة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا”.
السرطان لم يعد مرضا يهدد المدخنين فقط. فأسلوب الحياة السريع، التلوث، الضغوط النفسية، والعوامل الفيروسية، كلها تحوّلت إلى محركات خفية للمرض، والوعي بهذه المخاطر والتحرك مبكرًا لتغيير نمط الحياة قد يكونان الدرع الأقوى لحماية الصحة وإنقاذ الأرواح.



