السمنة وسرطان المعدة.. خطر خفي يتسلل بصمت إلى جهازك الهضمي
يبدأ سرطان المعدة، عندما تبدأ الخلايا المبطّنة لجدار المعدة في النمو بشكل غير منضبط، لتتحول مع الوقت إلى أورام خبيثة.
وبينما تتعدد أسبابه وعوامل خطره، تبرز السمنة اليوم كأحد أهم المحفزات لهذا النوع من السرطان، لما تسببه من اختلالات هرمونية واضطرابات التهابية تؤثر مباشرة في بيئة المعدة.
يقول الدكتور جوليا، استشاري الأورام "تلعب السمنة دورًا رئيسيًا في تحفيز الالتهاب المزمن، واختلال التوازن الهرموني، والتغيرات الأيضية، وهي جميعها عوامل تُوفر بيئة مثالية لنمو الخلايا السرطانية بحسب Onlymyhealth.
ويشرح أن النسيج الدهني لا يقتصر دوره على تخزين السعرات الحرارية، بل يعد عضوًا نشطًا يفرز هرمونات مثل الأنسولين والإستروجين، إضافةً إلى مواد كيميائية تعرف باسم السيتوكينات، وهي مسببات التهابات يمكن أن تلحق أضرارًا بالحمض النووي، وتعزز تكاثر الخلايا، وتضعف دفاعات الجسم المناعية ضد السرطان.
ومع مرور الوقت، قد تؤدي هذه الالتهابات المزمنة إلى تغيّرات جينية في بطانة المعدة، ما يُمهّد الطريق للإصابة بسرطان المعدة.
الدهون الحشوية.. العدو الصامت داخل البطن
ليست كل الدهون متساوية في تأثيرها على الجسم، لكن الدهون الحشوية وهي الدهون العميقة التي تحيط بأعضاء البطن مثل المعدة والكبد والأمعاء تعد الأخطر.
يوضح الدكتور جوليا أن: "الدهون الحشوية نشطة أيضيًا، وتفرز مواد كيميائية تعيق تنظيم الأنسولين ووظائف الجهاز المناعي، ما يؤدي إلى التهابات مزمنة في بطانة المعدة يمكن أن تتحول لاحقًا إلى خلايا سرطانية."
وقد أظهرت دراسات حديثة أن الأشخاص الذين يمتلكون نسبة أعلى من محيط الخصر إلى الورك (WHR)، حتى وإن كان وزنهم الكلي طبيعيًا، معرضون بشكل أكبر للإصابة بسرطان المعدة نتيجة تراكم الدهون الحشوية في أجسامهم.
نمط الحياة والنظام الغذائي.. مفتاح الخطر والوقاية
عادة ما تكون السمنة نتيجة لعادات غذائية غير متوازنة ونمط حياة خامل، وهما عاملان يساهمان أيضًا في ارتفاع خطر الإصابة بسرطان المعدة، والأنظمة الغذائية الغنية بـاللحوم المصنعة، والأطعمة المالحة، والكربوهيدرات المكررة تزيد من احتمالات الإصابة، بينما تؤدي قلة النشاط البدني إلى إبطاء عملية الأيض وسوء الهضم.
توضح الدكتورة جوليا أن "الأشخاص الذين يتناولون الأطعمة المدخنة أو المخللة أو الغنية بالصوديوم بانتظام، يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطان المعدة، وعندما تترافق هذه العادات مع السمنة، يصبح الخطر مضاعفًا."
يشدد الأطباء على أن اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات الطازجة، والحبوب الكاملة، والبروتينات خفيفة الدهون، يسهم في الوقاية من المرض.
هذه الأطعمة لا تحافظ فقط على وزن صحي، بل تمد الجسم بمضادات أكسدة تحمي بطانة المعدة من التلف.
عوامل أخرى تزيد من خطر الإصابة
إلى جانب السمنة، هناك عدة عوامل أخرى تُسهم في الإصابة بسرطان المعدة، أبرزها عدوى بكتيريا الملوية البوابية (Helicobacter pylori)، والإفراط في تناول الكحول، والتدخين، إلى جانب العوامل الوراثية والتاريخ العائلي للإصابة بالمرض.
ويؤكد الدكتور جوليا أن الحفاظ على وزن صحي يظل من أهم الخطوات الوقائية التي يمكن لأي شخص اتباعها، إذ يُقلل بشكل كبير من احتمالات الإصابة.
كيف يمكن الوقاية من سرطان المعدة؟
يوصي الأطباء بمجموعة من الإجراءات البسيطة لكنها فعالة للحد من خطر الإصابة بسرطان المعدة المرتبط بالسمنة، وتشمل:
الحفاظ على مؤشر كتلة الجسم (BMI) في النطاق الصحي (من 18.5 إلى 24.9).
الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضروات، الفواكه، والبقوليات.
الابتعاد عن الأطعمة المصنعة والمالحة التي تهيج بطانة المعدة.
الإقلاع عن التدخين والحد من تناول الكحول.
إجراء فحوصات دورية خاصة للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع سرطان المعدة أو يعانون من ارتجاع حمضي مزمن.
وقال الدكتور جوليا "الكشف المبكر ينقذ الحياة،راجع الطبيب فورًا إذا ظهرت أعراض مستمرة مثل الانتفاخ، الغثيان، عسر الهضم، أو فقدان الوزن غير المبرر.
الأمر لا يتعلق بالمظهر الخارجي فحسب، بل إن السمنة تُعد خطرًا داخليًا صامتًا يزيد من احتمالية الإصابة بسرطان المعدة دون أن نشعر.
إن اتباع نمط حياة صحي، ومراقبة الوزن، والاهتمام بالتغذية المتوازنة، ليست خطوات تجميلية، بل دروع واقية تحمي الجسم من أحد أخطر أنواع السرطان.



