أبحاث: 70% من إصابات سرطان الثدي يمكن الوقاية منها

لا يزال سرطان الثدي يحتل المرتبة الأولى بين أنواع السرطان الأكثر شيوعًا لدى النساء حول العالم، ولا تختلف الهند عن هذا الاتجاه العالمي.
ورغم أن العوامل الوراثية تظل أحد الأسباب المؤثرة، إلا أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن نحو 70% من حالات سرطان الثدي ترتبط بالعادات اليومية والعوامل البيئية، مما يعني أن الاختيارات الصحية الواعية قادرة على إحداث فرق حقيقي في الوقاية.
وتؤكد الدكتورة أرونا كالرا، طبيبة أمراض النساء والتوليد ، أن التوعية وحدها لا تكفي، بل يجب أن يصاحبها تغيير فعلي في نمط الحياة يشمل التغذية واللياقة البدنية وإدارة التوتر، للحفاظ على صحة هرمونية وأيضية متوازنة على المدى الطويل.
الغذاء كخط دفاع أول
تقول الدكتورة كالرا إن الطعام هو أحد أقوى أسلحتنا في مواجهة الأمراض، مشيرةً إلى أن اتباع نظام غذائي متوازن غني بمضادات الأكسدة والألياف والدهون الصحية لا يدعم المناعة فحسب، بل يساعد في الحفاظ على التوازن الهرموني، وهو عامل أساسي في صحة الثدي.
وتوصي بتناول كميات وفيرة من النباتات مثل الفواكه الطازجة، والخضراوات، والحبوب الكاملة، والبقوليات، والمكسرات، نظرًا لاحتوائها على مغذيات نباتية وألياف تُساعد الجسم على تنظيم مستويات هرمون الإستروجين.
كما تنصح بالإكثار من الخضراوات الصليبية مثل البروكلي والكرنب والملفوف، لأنها تحتوي على مركب السلفورافان الذي يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي.
أما بالنسبة للدهون، فتؤكد أهمية اختيار الدهون الصحية مثل أحماض أوميغا-3 الموجودة في بذور الكتان، والجوز، والأسماك الدهنية، لما لها من دور في تقليل الالتهابات وحماية الخلايا.
وفي المقابل، يجب تجنب الدهون المتحولة والأطعمة المصنعة التي تزيد من الالتهابات ومقاومة الأنسولين.
وتضيف: “الحد من تناول السكر واللحوم الحمراء ضروري، لأن الإفراط في استهلاكهما يرتبط بارتفاع الالتهابات ومخاطر الإصابة بالأورام”.
كما شددت على أهمية التحكم في كميات الطعام وشرب كميات كافية من الماء، لأن الإفراط في الأكل أو الجفاف قد يؤديان إلى زيادة الوزن والإجهاد الأيضي. وتوضح أن السمنة بعد انقطاع الطمث تُعد من أبرز عوامل الخطر للإصابة بسرطان الثدي.
التوتر.. عامل صامت يجب السيطرة عليه
توضح الدكتورة كالرا أن التوتر المزمن لا يُسبب السرطان بشكل مباشر، لكنه يضعف جهاز المناعة ويخلّ بتوازن الهرمونات ويزيد الالتهابات، مما يُهيئ بيئة خصبة لتطور الأمراض.
وللحد من تأثيره، توصي بممارسة تمارين العقل والجسم مثل اليوغا، والتأمل، والتنفس العميق، أو حتى خمس دقائق من اليقظة الذهنية يوميًا لتهدئة الجهاز العصبي وتقليل مستويات هرمون الكورتيزول.
كما تؤكد أهمية النوم المنتظم لمدة تتراوح بين 7 إلى 8 ساعات يوميًا، لأنه يساعد على توازن الهرمونات وتجديد الخلايا، مشيرةً إلى أن أنماط النوم السيئة ارتبطت بزيادة خطر الإصابة بسرطانات تعتمد على الهرمونات، ومنها سرطان الثدي.
وتلفت إلى أن الصحة العاطفية لا تقل أهمية عن الجسدية، داعيةً النساء إلى تعزيز العلاقات الإيجابية وطلب الدعم النفسي عند الحاجة، لأن العزلة والقلق المزمن قد يُحدثان آثارًا عميقة على الجسم.
الفحوصات المبكرة تنقذ الأرواح
رغم أهمية نمط الحياة الصحي، تؤكد الدكتورة كالرا أن الكشف المبكر يظل الركيزة الأساسية في الوقاية، مشددة على ضرورة إجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية بانتظام للنساء فوق سن الأربعين، مع إمكانية البدء مبكرًا في حال وجود تاريخ عائلي للإصابة.
وتوصي بإجراء الفحص الذاتي الشهري للثدي لاكتشاف أي تغيرات مبكرة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن معدل النجاة من سرطان الثدي في مراحله المبكرة يتجاوز 90%، ما يجعل التدخل المبكر عاملًا حاسمًا في إنقاذ الأرواح.
الوقاية من سرطان الثدي
أكدت الدكتورة أرونا كالرا على أن الوقاية من سرطان الثدي لا تتطلب تغييرات جذرية مفاجئة، بل تبدأ من عادات بسيطة ومنتظمة تشمل التغذية السليمة، والنشاط البدني المنتظم، وإدارة التوتر، والالتزام بالفحوصات الدورية.
وتقول: "كثير من النساء يقدمن كل شيء قبل أنفسهن، لكن في شهر أكتوبر الوردي، وفي كل يوم بعده، يجب أن نُذكّر أنفسنا بأن الوقاية هي الخطوة الأهم نحو حياة أطول وأكثر صحة".