رئيس وحدة الدراسات الأوروبية لتفصيلة: السيسي يحوّل قمة بروكسل إلى منصة لإثبات دور مصر كصانعة للقرار الإقليمي لا متلقية له

تحمل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بروكسل للمشاركة في القمة المصرية الأوروبية الأولى، بُعدًا سياسيًا واستراتيجيًا يتجاوز العلاقات الثنائية، لتصبح مصر في قلب التحولات الإقليمية، وصاحبة المبادرة لا المتلقية للقرارات.
الزيارة التي كانت مقررة منذ فترة، تأتي في توقيت بالغ الأهمية وسط أجواء من التوتر الإقليمي، لكنها لم تُفرض كرد فعل على الأحداث، بل كخطوة محسوبة تعكس ثقة القاهرة في مكانتها وشراكتها العميقة مع الاتحاد الأوروبي.
هاني الجمل لتفصيلة: زيارة الرئيس السيسي مخططة تؤكد رسوخ العلاقات المصرية الأوروبية
قال هاني الجمل، رئيس وحدة الدراسات الأوروبية والاستراتيجية بمركز العرب والخبير في الشؤون الإقليمية والدولية، في تصريحات خاصة لموقع تفصيلة، إن توقيت زيارة الرئيس السيسي إلى بروكسل ليس له علاقة بالتوترات الراهنة، مشيرًا إلى أن موعدها كان مُعلنًا منذ فترة طويلة ضمن جدول اللقاءات الرسمية بين مصر والاتحاد الأوروبي.
وأكد الجمل أن هذه الزيارة تُعد واحدة من أهم المحطات الدبلوماسية في مسار العلاقات بين الجانبين، والتي تسعى إلى تطوير التعاون من مرحلة الحوار إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية الفعلية.
مصر تتحول إلى منصة رئيسية للتأثير وصناعة القرار
أوضح الجمل أن مصر أصبحت منصة إقليمية محورية في نظر الاتحاد الأوروبي منذ عام 2013، عقب ثورة 30 يونيو وصعود الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي نجح في إعادة الاستقرار الداخلي ومحاربة التنظيمات الإرهابية التي كانت تهدد أمن المنطقة.
وأكد أن أوروبا تنظر اليوم إلى القاهرة باعتبارها حليفًا موثوقًا في مواجهة الأزمات، وشريكًا يعتمد عليه في التحركات الكبرى داخل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
شراكة تقوم على مبدأ الكل كاسب
قال الخبير في الشؤون الدولية إن القمة تعكس نضوج الشراكة المصرية الأوروبية، إذ لم تعد قائمة على المساعدات أو المصالح الأحادية، بل على مبدأ التعاون المتبادل الذي يضمن المكاسب للطرفين.
وأشار إلى أن القاهرة تستخدم خبراتها الواسعة في القارة الإفريقية والشرق الأوسط لقيادة التحركات الدبلوماسية في الملفات الساخنة، من بينها الملف السوري، واللبناني، والفلسطيني، وهي قضايا لطالما كانت محور اهتمام أوروبا واستقرارها الأمني والاقتصادي.
ملفات إقليمية شائكة في أجندة القاهرة
لفت الجمل إلى أن الوضع المعقد في ليبيا يمثل أحد أبرز الملفات التي تلعب فيها مصر دورًا رئيسيًا بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي، في محاولة لفرض التهدئة ومكافحة تمدد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء.
وأشار إلى أن القاهرة تمارس دبلوماسية هادئة وفعالة في التعامل مع الأزمات العربية، خاصة الخلاف المتصاعد بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء المغربية، مؤكدًا أن مصر تحافظ على مسافة واحدة بين الأطراف المتنازعة وتعمل على إنهاء الصراع بشكل إيجابي يحافظ على وحدة الصف العربي.
القاهرة تثبت أنها صانعة قرار لا متلقية له
أكد الجمل أن مشاركة مصر في قمة بروكسل تمثل اعترافًا أوروبيًا واضحًا بدورها القيادي، مضيفًا أن القاهرة أثبتت خلال السنوات الماضية قدرتها على صياغة التوازنات في المنطقة وليس مجرد التفاعل معها.
واختتم حديثه بالقول إن هذه القمة تشكّل منصة جديدة لتكريس مكانة مصر كدولة قرار في الشرق الأوسط، تمتلك رؤية واضحة وشراكة متكافئة مع أوروبا، وتواصل بناء نموذج من الدبلوماسية الهادئة التي تحقق نتائج واقعية على الأرض.
القمة المصرية الأوروبية في بروكسل لا تمثل مجرد لقاء دبلوماسي بين الرئيس السيسي وقادة أوروبا، بل اختبارًا جديدًا لوزن مصر الإقليمي وقدرتها على تحويل الشراكة إلى قيادة.
في لحظة تعيد فيها أوروبا رسم خريطتها السياسية، تثبت القاهرة أنها ليست على الهامش، بل في قلب القرار وصاحبة التأثير الأوسع في الشرق الأوسط.