رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

ماذا يفعل دماغك أثناء النوم العميق؟.. حقائق مذهلة يكشفها العلم

 أرشيفية
أرشيفية

في الوقت الذي يتعامل فيه كثيرون مع النوم باعتباره مجرّد استراحة يومية، تكشف الأبحاث الحديثة أن النوم العميق يُمثّل واحدة من أعقد وأهم العمليات الحيوية التي يجريها الدماغ للحفاظ على صحته وبقائه في أفضل أداء ممكن. 

فهذا الطور من النوم ليس مجرد حالة من السكون، بل هو مرحلة يعمل خلالها الدماغ بأقصى طاقته لإصلاح ذاته، وتنظيف أنسجته، وترسيخ ذكرياته، وضبط توازن الطاقة في خلاياه العصبية.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن النوم العميق يُعدّ وظيفة أساسية تمكّن الدماغ من التخلص من المواد السامة التي تتراكم خلال ساعات اليقظة بحسب Times of india.  

 ويقوم الجهاز اللمفاوي الدماغي بزيادة تدفّق السائل النخاعي (CSF) عبر نسيج الدماغ، في عملية تشبه "الغسيل الحيوي" الذي يخلّص الخلايا العصبية من البروتينات الضارة، وعلى رأسها "بيتا أميلويد" و"تاو"، المرتبطين ارتباطًا وثيقًا بمرض الزهايمر والأمراض العصبية التنكسية الأخرى.

وتظهر فحوصات الرنين المغناطيسي أن موجات الدماغ أثناء النوم العميق تنتج موجات إيقاعية من السائل النخاعي، تتحرك بشكل منسّق لتطهير أنسجة الدماغ من الفضلات بشكل فعال. 

ويعمل هذا النظام في ذروته خلال هذه المرحلة تحديدًا، مما يجعل النوم العميق عنصرًا حاسمًا لحماية الذاكرة ومنع التدهور الإدراكي على المدى الطويل.

ولا تقتصر أهمية النوم العميق على تنقية الدماغ، بل تمتد لتشمل واحدة من أهم عمليات بناء الذاكرة. 

ففي هذه المرحلة ينشأ اتصال متزامن بين الحُصين المسؤول عن تكوين الذكريات الجديدة وبين القشرة الدماغية العليا، ما يسمح بنقل المعلومات وترسيخها من الذاكرة قصيرة المدى إلى الطويلة. 

وتؤكد الأبحاث أن أي اضطراب في نوم الموجات البطيئة يجعل تعلّم المهام الجديدة أكثر صعوبة، بينما يعزز تحسينه قدرة الدماغ على استيعاب المعلومات واسترجاعها.

أمّا على مستوى نشاط الدماغ الداخلي، فيدخل الدماغ خلال النوم العميق في حالة انخفاض كبير في استهلاك الطاقة، فيقلّل من تدفق الدم ونشاط أيض الجلوكوز داخل المناطق المعرفية العليا. 

ورغم هذا الانخفاض، يحافظ الدماغ على نشاط محدود في المناطق الحسية تحسبًا لأي إشارات بيئية حيوية.

 وتعمل الشبكات العصبية في هذا الطور بأنماط دقيقة تقلل من النشاط غير الضروري، لتوجيه الطاقة نحو عمليات الإصلاح الحيوية.

ويتزامن ذلك مع إفراز الجسم لهرمون النمو بمستويات مرتفعة، وهو هرمون أساسي لإصلاح الأنسجة، ونمو العضلات، والحفاظ على قوة العظام.

 وفي الدماغ تحديدًا، يساهم هرمون النمو في تجديد الخلايا العصبية وإعادة تشكيل التشابكات بينها، مما يدعم القدرات الإدراكية ويحمي الدماغ من ضغوط الحياة اليومية.

كما يعد النوم العميق أساسًا لتعزيز الجهاز المناعي، ففي هذه المرحلة، تقلّ الاستجابة الالتهابية للجسم، وتزداد المواد المضادة للالتهاب، مما يحمي الدماغ من الالتهاب المزمن المسؤول عن تدهور الخلايا العصبية وزيادة فرص الإصابة بمرض باركنسون والزهايمر. 

وتساعد جودة النوم العميق الدماغ على تطوير مقاومة أكبر للأمراض العصبية المرتبطة بالالتهاب، ليبقى أكثر ثباتًا ومرونة في مواجهة التحديات الصحية.

وفي النهاية، يتجاوز النوم العميق كونه وسيلة للراحة إلى كونه منظومة إصلاح وترميم شاملة يقوم بها الدماغ كل ليلة. فهو يزيل الفضلات، ويقوّي الذاكرة، ويعيد بناء الشبكات العصبية، ويُعزز المناعة، ويحافظ على الطاقة العقلية. 

إن حماية ساعات النوم العميق أصبحت ضرورة بيولوجية لا غنى عنها للحفاظ على صفاء الذهن، واستقرار المشاعر، وكفاءة الدماغ مدى الحياة.

تم نسخ الرابط