رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

فحص دم بسيط يكشف الأمراض قبل ظهورها بـ10 سنوات

فحص دم
فحص دم

 كشفت أبحاث علمية حديثة أن اختبار دم بسيط عبر وخز الإصبع قد يتمكن قريبًا من اكتشاف العلامات المبكرة للأمراض قبل ظهور أعراضها بما يصل إلى عشر سنوات كاملة، في خطوة قد تعيد تشكيل مفهوم الرعاية الصحية عالميًا. 

باستخدام قطرة دم صغيرة من الشعيرات الدموية يمكن للعلماء قياس آلاف الجزيئاتمن بروتينات ونواتج أيض ومؤشرات تلف الخلايا وبناء ما يشبه "بصمة صحية" تكشف احتمالات الإصابة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والسكري والخرف وغيرها.

من الأعراض إلى التنبؤ طب المستقبل يبدأ من قطرة دم

التحول الجوهري في هذا الاكتشاف يتمثل في نقل الطب من مرحلة انتظار الأعراض إلى مرحلة التدخل المبكر. فبدلًا من التعامل مع المرض بعد ظهوره، يتيح هذا النموذج تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة وتقديم مراقبة مبكرة أو تغييرات في نمط الحياة أو حتى علاجات وقائية تُقلّل احتمالات تفاقم المرض.

كيف توصّل العلماء إلى ذلك؟

في السنوات الأخيرة، استخدمت دراسات واسعة تقنيات تحليل الجزيئات عالية الإنتاجية، القادرة على قياس آلاف المؤشرات الحيوية في الدم دفعة واحدة. 

ومن خلال مقارنة هذه القياسات بالسجلات الصحية الممتدة لسنوات، استطاع الباحثون تطوير نماذج تتنبأ بدقة بخطر الإصابة بأمراض متعددة خلال العقد القادم.


أحد أبرز المشاريع اعتمد على عينات البنك الحيوي البريطاني، ونجح في إنتاج بصمات بروتينية مركبة حسّنت القدرة على التنبؤ بعشرات الأمراض بدقة تفوق توقعات النماذج الطبية التقليدية.

لماذا يُعد وخز الإصبع عاملًا فارقًا؟

اختبار وخز الإصبع الذي يعتمد على قطرة دم مشابهة لتلك المستخدمة في قياس السكر المنزلي يمثل عنصرًا حاسمًا في جعل الفحص متاحًا على نطاق واسع. فهو:

أسهل وأسرع وأقل تكلفة من سحب الدم الوريدي

يمكن جمعه في المنزل أو في عيادات بسيطة

يسمح بإرسال العينات بالبريد إلى المختبرات

يوفّر بيانات جزيئية غنية رغم صغر حجم العينة


وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن عينات الدم المجفف (DBS) قادرة على توفير قراءات عالية الجودة لتحليل الأيض والبروتين ومثيلة الحمض النووي، ما يجعلها خيارًا عمليًا وفعالًا لفحص السكان على نطاق واسع.

ماذا يمكن اكتشافه من قطرة واحدة؟

في دراسة منفصلة، أعلن باحثون أنهم توصلوا إلى بصمة بروتينية تتنبأ بخطر الإصابة بـ 67 مرضًا خلال عشر سنوات، بما في ذلك السرطان والأمراض العصبية، متفوقةً على دقة النماذج السريرية التقليدية.

كما أظهرت أبحاث أخرى أن عينات وخز الإصبع يمكن أن تقيس المؤشرات الحيوية لمرض الزهايمر بدقة تُضاهي فحوص الدم الوريدي، في إنجاز يفتح الباب أمام إمكانية تشخيص أمراض الدماغ المعقدة بطريقة سهلة وغير مؤلمة.

ثورة محتملة في الرعاية الصحية

اليوم، يجري تشخيص العديد من الأمراض بعد ظهور الأعراض وغالبًا بعد فوات فرصة العلاج المبكر. 

وهذا يؤدي إلى علاجات أكثر تكلفة وتعقيدًا، وإلى انخفاض جودة الحياة بشكل كبير.
أما فحص الدم الاستباقي، إذا أثبت نجاحه، فقد يقلب المعادلة من جذورها من خلال:

تعزيز الوقاية بدلًا من الاعتماد على العلاج

تحسين نتائج المرضى عبر التدخل المبكر

فتح المجال أمام استهداف العلاجات في مراحل دقيقة

دعم تطوير الأدوية عبر استقطاب متطوعين في مراحل ما قبل المرض


وعلى مستوى الصحة العامة، يمكن لهذا الفحص منخفض التكلفة أن يُسهِم في تقليل العبء الصحي عبر اكتشاف الفئات الأكثر عرضة للأمراض قبل تفاقمها.

رغم الوعود الكبيرة، يشدد الخبراء على أن الأمر يتطلب مزيدًا من التحقق والاختبار.

فالعديد من النماذج تم تطويرها اعتمادًا على مجموعات بيانات محددة، ولا بد من اختبارها على فئات سكانية متنوعة قبل اعتمادها.


ويرى الباحثون أن المرحلة المقبلة تتطلب:

دراسات تحقق واسعة النطاق.

تجارب سريرية تثبت أن التدخل المبكر بناءً على نتائج الفحص يمنع المرض فعليًا.

وضع إرشادات طبية واضحة.

تقييم تنظيمي لضمان الدقة والأمان وطرق إيصال النتائج للمرضى.

تم نسخ الرابط