صعود استثنائي.. لماذا خطفت الفضة الأضواء من الذهب خلال 2025؟
شهدت أسواق المعادن النفيسة خلال عام 2025 تحولًا كبيرا أعاد رسم خريطة الاستثمار التقليدية، فبينما ظل الذهب محتفظًا بمكانته التاريخية كملاذ آمن، نجحت الفضة في الخروج من الظل، محققة قفزة سعرية غير مسبوقة جعلتها محور اهتمام المستثمرين حول العالم.
هذا الأداء الاستثنائي لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة تفاعل معقد بين السياسة النقدية، والتحولات الصناعية، وتقلبات الاقتصاد العالمي، مما فتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل المعدنين ودور كل منهما في المحافظ الاستثمارية.

الفضة تتجاوز 120%
خلال 2025، سجلت أسعار الفضة ارتفاعًا تجاوز 120%، مقارنة بمكاسب قوية لكنها أقل حدة للذهب بلغت نحو 55%، هذا الفارق الكبير في الأداء يعكس تغيرًا في سلوك السوق أكثر منه تراجعًا في مكانة الذهب، فالفضة استطاعت أن تستفيد من طبيعتها المزدوجة، باعتبارها معدنًا استثماريًا وصناعيًا في آن واحد، في وقت شهد فيه العالم مزيجًا نادرًا من القلق الاقتصادي والتفاؤل الصناعي.
أسباب صعود الفضة
وكان تحول التوقعات بشأن أسعار الفائدة العالمية دور محوري في دعم المعادن النفيسة، فمع تزايد رهانات الأسواق على نهاية دورة التشديد النقدي وبداية مرحلة أكثر مرونة، تراجعت تكلفة الاحتفاظ بالأصول غير المدرة للعائد.
ورغم استفادة الذهب من هذا المناخ، فإن الفضة كانت الأكثر حساسية، إذ تزامن انخفاض العوائد الحقيقية مع توقعات بنشاط اقتصادي أعلى، ما عزز الطلب الصناعي عليها بصورة أكبر.
ويختلف هيكل الطلب على الفضة جذريًا عن الذهب، فأكثر من نصف الاستهلاك العالمي للفضة يأتي من الاستخدامات الصناعية، وعلى رأسها قطاعات الطاقة الشمسية والتكنولوجيا الخضراء.
ومع تسارع الاستثمارات العالمية في مشروعات التحول الطاقي، تحولت الفضة إلى عنصر أساسي في سلاسل الإنتاج، ما منحها دعمًا طويل الأجل يتجاوز التقلبات الدورية المعتادة.

أداة تحوط رئيسية
ورغم تفوق الفضة، حافظ الذهب على جاذبيته كأداة تحوط رئيسية، مدعومًا بمخاوف التضخم والتوترات الجيوسياسية وتراجع الثقة في بعض الأصول المالية، ورغم أن وتيرة صعوده بدت أهدأ، فإن تحقيقه مكاسب تفوق 50% في عام واحد يؤكد أنه لا يزال ركيزة أساسية في المحافظ الاستثمارية الأكثر تحفظًا.
قلة المعروض تضاعف الضغوط السعرية
لم يكن الطلب وحده وراء صعود الفضة، حيث واجه السوق قيودًا واضحة في المعروض، فالفضة تستخرج غالبًا كمنتج ثانوي لمعادن أخرى، مما يحد من سرعة زيادة الإنتاج، ومع تراجع المخزونات العالمية، تصاعدت الضغوط السعرية، على عكس الذهب الذي يتمتع بسوق أعمق وأكثر مرونة، ورغم الأداء القوي، ظلت الفضة أكثر عرضة للتقلبات الحادة، بفعل طبيعتها الأكثر حساسية للتغيرات الاقتصادية وتدفقات المضاربة.






