التوتر.. العدو الخفي لمرضى السكري ونصائح للسيطرة عليه

داء السكري من الأمراض المزمنة التي تتطلب مراقبة دقيقة لمستوى السكر في الدم، واتباع نظام غذائي متوازن، ونمط حياة صحي. ومع ذلك، هناك عامل خفي غالبًا ما يغفل عنه الكثيرون، وهو التوتر النفسي والجسدي، الذي قد يؤدي إلى اختلالات خطيرة في مستويات السكر ويجعل السيطرة على المرض أكثر تعقيدًا.
في هذا السياق، تحدثت الدكتورة بوجا بيلاي، الاستشارية لأمراض السكر عن العلاقة المباشرة بين التوتر وداء السكري، وقدّمت مجموعة من النصائح العلمية والعملية لمساعدة المرضى على التحكم في مستويات السكر والتعامل بذكاء مع الضغوط اليومية.
كيف يؤثر التوتر على نسبة السكر في الدم؟
توضح الدكتورة بيلاي أن جسم الإنسان يدخل في حالة “القتال أو الهروب” عند التعرض للتوتر، وهو ما يؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، هذه الهرمونات ترفع مستويات الجلوكوز في الدم لتوفير طاقة فورية تساعد الجسم على مواجهة الموقف.
غير أن هذه الاستجابة الطبيعية تصبح مشكلة حقيقية لدى المصابين بالسكري، إذ:
تزداد مقاومة الأنسولين، مما يصعّب امتصاص الجلوكوز في الخلايا.
ترتفع مستويات السكر في الدم بشكل مفاجئ حتى دون تناول طعام أو محفز غذائي.
وتشير إلى أن هذا التأثير يطال كلا نوعي السكري (الأول والثاني)، مما يجعل إدارة المرض أكثر تعقيدًا في أوقات التوتر النفسي أو الجسدي.
الضغط النفسي والجسدي.. وجهان مختلفان لتأثير واحد
ينعكس كل من الإجهاد العاطفي والبدني على الجسم بطرق مختلفة، لكنها تؤدي في النهاية إلى نفس النتيجة: اضطراب مستويات السكر في الدم.
1. الضغط العاطفي
يؤدي العمل المرهق، والمشكلات المالية، والصراعات الشخصية، والقلق المزمن إلى إفراز الكورتيزول لفترات طويلة، ما يحافظ على ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات ممتدة.
وتقول بيلاي: "هذا الارتفاع المستمر قد يسبب نوبات من الأكل العاطفي أو تخطي الروتين العلاجي، مما يفاقم من صعوبة السيطرة على السكر".
2. الإجهاد البدني
تضيف أن الأمراض الجسدية، أو قلة النوم، أو الجراحة، أو الإصابات تضع الجسم في حالة من الضغط، فيُفرز المزيد من هرمونات التوتر، مما يقلل من حساسية الأنسولين ويؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم.
حلقة مفرغة: التوتر يرفع السكر... والسكر يزيد التوتر
تشير إلى أن العلاقة بين التوتر وداء السكري تشبه "دائرة مغلقة"، فكل منهما يُغذي الآخر.
فإلى جانب رفع مستوى الجلوكوز، يؤدي التوتر إلى:
اضطراب العادات الغذائية، كالإفراط في تناول الطعام أو اللجوء إلى الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات.
انخفاض الدافع لممارسة الرياضة، مما يقلل حساسية الأنسولين.
ضعف جودة النوم، وهو ما يزيد مقاومة الأنسولين.
زيادة القلق أو الاكتئاب، ما يجعل إدارة السكري أكثر صعوبة.
وتحذر من أن الإجهاد المزمن غير المُدار قد يؤدي أيضًا إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن والالتهابات الداخلية، ما يزيد خطر الإصابة بمضاعفات السكري مثل الاعتلال العصبي، وأمراض الكلى، ومشكلات القلب.
خمس نصائح ذهبية للسيطرة على التوتر وتحسين مرض السكري
1. تحرّك بانتظام
النشاط البدني المنتظم يُقلل من إفراز الكورتيزول ويحسن حساسية الأنسولين.
لا حاجة إلى تمارين شاقة؛ يكفي 20 إلى 30 دقيقة من المشي، أو اليوغا، أو تمارين التمدد يوميًا لتحقيق فرق ملموس.
2. مارس التنفس العميق واليقظة الذهنية
يُسهم التأمل والتنفس البطيء في تهدئة الجهاز العصبي وخفض هرمونات التوتر، ما يساعد على استقرار المزاج ومستويات السكر.
3. احرص على نوم كافٍ وجودة عالية
قلة النوم ترفع الكورتيزول وتزيد من مقاومة الأنسولين.
احرص على 7 إلى 8 ساعات من النوم المنتظم في بيئة هادئة ومظلمة.
4. تناول الطعام بانتظام وبشكل متوازن
تخطي الوجبات أو تناول الطعام بشكل غير منظم يرهق الجسم ويؤدي إلى تقلبات مفاجئة في مستوى الجلوكوز.
احرص على تناول أطعمة غنية بالألياف، وبروتين خالٍ من الدهون، وحبوب كاملة، ودهون صحية.
5. تحدث عن مشاعرك
مشاركة المخاوف والضغوط مع صديق موثوق أو مستشار نفسي أو مجموعة دعم تخفف من العبء العاطفي وتحسن مهارات التكيف مع المرض.