رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

أقمار صناعية ذكية تقود مستقبل 6G وتوسّع نطاق الذكاء الاصطناعي عالمياً

الجيل السادس
الجيل السادس

مع اشتداد السباق العالمي نحو تطوير شبكات الجيل السادس (6G)، تتجه الأنظار إلى ساحة غير تقليدية للمنافسة، قد لا تكون على الأرض هذه المرة، بل في الفضاء.

ورغم أن التوقعات تشير إلى بدء تسويق تقنيات 6G بحلول عام 2030، فإن الأبحاث العلمية سبقت ذلك بخطوات، ساعية إلى إعادة تعريف الطريقة التي يعمل بها الذكاء الاصطناعي على نطاق كوكبي. 

ففي هذا السياق، وضع الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) ملامح أولية لاستخدامات شبكات الجيل المقبل، يتصدرها “الدمج العميق بين الذكاء الاصطناعي والاتصالات” و”تحقيق الاتصال الشامل في كل مكان”، بما يعكس تحول الشبكات من مجرد قنوات لنقل البيانات إلى منصات ذكية قادرة على التحليل واتخاذ القرار، وفقاً لتقرير نشره موقع Interesting Engineering.

هذا التحول يفرض تحدياً رئيسياً يتمثل في كيفية إيصال خدمات ذكاء اصطناعي عالية الكفاءة إلى المناطق النائية والمحرومة من البنية التحتية، خاصة في ظل تزايد متطلبات المعالجة وحساسية التطبيقات للتأخير الزمني.


الأقمار الصناعية في قلب المعادلة

وفي محاولة لتجاوز قيود الشبكات الأرضية، كشفت دراسة حديثة أعدها باحثون من جامعة هونغ كونغ وجامعة شيآن للاتصالات (Xidian University) عن تصور جديد يدمج الذكاء الاصطناعي الطرفي (Edge AI) مع شبكات فضائية-أرضية متكاملة، بما يحول الأقمار الصناعية إلى منصات اتصال وحوسبة في الوقت ذاته.

ويعتمد هذا النموذج، الذي أطلق عليه اسم “الذكاء الاصطناعي السائل بين الفضاء والأرض”، على توظيف حركة الأقمار الصناعية نفسها للتغلب على تحديات طالما أعاقت تشغيل الذكاء الاصطناعي في المدار، مثل محدودية السعة وسرعة الربط بين الفضاء والأرض.

ذكاء اصطناعي بلا حدود

استلهم الباحثون فكرتهم من مفهوم تدفق الماء دون عوائق، حيث يسمح الإطار المقترح بانتقال البيانات ونماذج الذكاء الاصطناعي بسلاسة بين الأقمار الصناعية والمحطات الأرضية. 

ويستند هذا النهج إلى ثلاث ركائز رئيسية:
التعلم السائل: يهدف إلى تقليص زمن تدريب النماذج عبر آليات تعلم اتحادي مبسطة، تستفيد من حركة الأقمار الصناعية لنشر معاملات النماذج ودمجها عبر مناطق مختلفة، بما يسرّع الوصول إلى نتائج أكثر دقة.

الاستدلال السائل: يركز على تحسين القرارات في الزمن الحقيقي، من خلال توزيع أجزاء الشبكات العصبية بين الفضاء والأرض، بما يتيح التكيف مع الموارد المتاحة وجودة الاتصال، وتحقيق توازن بين السرعة والدقة.

تحميل النماذج السائل: يعزز كفاءة إيصال النماذج عبر تخزين أجزاء مختارة منها فقط على الأقمار الصناعية، مع إمكانية تبادلها فيما بينها، ما يقلل زمن التحميل ويحسن استغلال الطيف الترددي.

ورغم الآفاق الواعدة، لا يخلو هذا التوجه من تحديات معقدة، أبرزها التعرض للإشعاعات القاسية، ومحدودية مصادر الطاقة وعدم استقرارها. ولهذا يؤكد الباحثون ضرورة تطوير عتاد مقاوم للإشعاع، وأنظمة حوسبة قادرة على تحمل الأعطال، إضافة إلى آليات ذكية لجدولة المهام تراعي كفاءة استهلاك الطاقة.

كما ترسم الدراسة مسارات بحثية مستقبلية تركز على تطوير ذكاء اصطناعي “سائل” منخفض الكمون، وموفر للطاقة، وآمن، بما يحقق توازناً بين الأداء والموثوقية والأمن.

ومع الاعتماد على أنماط حركة الأقمار الصناعية وتكرار مداراتها، قد يشكل هذا النموذج حجر الأساس لتقديم ذكاء اصطناعي عالمي عند أطراف الشبكة في عصر 6G، لتتحول الأقمار الصناعية من مجرد وسائط اتصال إلى عُقد ذكية تشغّل الذكاء الاصطناعي من قلب الفضاء.

تم نسخ الرابط