6 علامات مبكرة تكشف تعرض الأطفال للتنمر في المدارس
ليس من غير المعتاد أن يعود الأطفال من يومهم الدراسي متعبين أو هادئين، خاصة بعد ساعات طويلة من الدروس والأنشطة.
إلا أن استمرار هذه التغيرات السلوكية دون تفسير واضح قد يشير إلى أمرٍ يتجاوز ضغوط المدرسة اليومية، والتنمر بات اليوم أحد أبرز التحديات التي تواجه الطلاب في مختلف أنحاء العالم، وهو عامل مؤثر على الأداء الأكاديمي، الاستقرار العاطفي، والصحة النفسية على المدى الطويل.
ورغم أن قضية التنمر تحظى باهتمام متزايد، إلا أن العديد من الحالات لا تزال مجهولة الهوية، إذ يلتزم الضحايا غالبًا بالصمت بدافع الخوف، أو الخجل، أو اعتقادًا منهم بأن الإفصاح عما يتعرضون له قد يزيد الوضع سوءًا.
وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن آثار التنمر قد تكون أعمق مما يبدو على السطح.
دراسات تكشف حجم التأثير النفسي للتنمر
وفقا لتحليل تلوي حديث خضع لمراجعة الأقران، ونشر في مجلة Springer Nature، وشمل أكثر من 130 ألف مراهق، فإن الطلاب الذين تعرضوا للتنمر كانوا أكثر عرضة للإصابة بأعراض الاكتئاب بثلاث مرات تقريبا مقارنة بغيرهم من أقرانهم.
وتسهم هذه النتائج في تسليط الضوء على الأثر النفسي العميق الذي يتركه التنمر، والذي قد يستمر حتى مرحلة البلوغ إذا لم يُكتشف مبكرًا ولم يتم التعامل معه بشكل مناسب.
أهمية وعي أولياء الأمور بالعلامات المبكرة
رغم وجود برامج وأطر عمل متخصصة في العديد من المدارس لمكافحة التنمر، إلا أن الكشف المبكر يعتمد بشكل كبير على ملاحظة أولياء الأمور للتغيرات السلوكية لدى أطفالهم.
فالكثير من الأطفال يترددون في الإبلاغ عن تعرضهم للتنمر، إما بدافع الحرج أو الخوف من الانتقام، أو لتجنب إثارة المشاكل مع الأهل أو المدرسة.
تصبح التغيرات الطفيفة في السلوك والأنماط اليومية هي الإشارة الأكثر وضوحًا لوجود مشكلة، ويمثل رصدها نقطة البداية لحماية الطفل من آثار عاطفية وأكاديمية طويلة المدى.
يستعرض موقع تفصيلة علامات مثبتة علميًا قد تدل على أن الطفل يتعرض للتنمر في المدرسة:
1. التردد المفاجئ في الذهاب إلى المدرسة
فقدان الحماس للذهاب إلى المدرسة من أبرز العلامات المبكرة، فالطفل الذي كان يستيقظ بنشاط قد يبدأ فجأة في الشكوى من آلام في المعدة أو صداع في الصباح، أو يطلب البقاء في المنزل بشكل متكرر.
وقد يتجلى هذا التردد في محاولته التهرب من الحضور أو اختلاق أعذار للبقاء بعيدًا عن المدرسة.
تشير إرشادات النفسية إلى أن تزايد القلق مع اقتراب موعد الذهاب إلى المدرسة رد فعل سلوكي شائعًا لدى الأطفال الذين يشعرون بعدم الأمان في محيطهم المدرسي.
2. تراجع الأداء الأكاديمي
يمكن أن ينعكس التنمر بشكل مباشر على التركيز والقدرة على التعلم، فالخوف والتوتر المستمران يستهلكان طاقة الطفل العقلية، ما يدفعه نحو فقدان القدرة على التركيز داخل الفصل أو أثناء أداء الواجبات المنزلية.
وقد يبدأ الطفل الذي اعتاد الحصول على درجات جيدة في التراجع المفاجئ، وتأخير تسليم الواجبات، أو فقدان الاهتمام بالدروس.
ولا ينبغي تفسير هذا التغير على أنه كسل، بل هو مؤشر مهم يحتاج إلى متابعة دقيقة.
3. أعراض جسدية غير مبررة
غالبًا ما تكون الأعراض الجسدية المتكررة انعكاسًا لضائقة نفسية يعيشها الطفل نتيجة التنمر.
وتشمل هذه الأعراض: الصداع، الغثيان، آلام المعدة، أو شعورًا عامًا بعدم الارتياح، وتظهر هذه الشكاوى عادة قبل ساعات الدراسة أو فور العودة إلى المنزل.
تشير اليونيسف إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر يعانون في كثير من الأحيان من اضطرابات النوم، تغيرات في الشهية، أو توتر واضح في الجسم يصعب ربطه بسبب طبي.
4. الانسحاب من التفاعلات الاجتماعية
الانعزال الاجتماعي مؤشرًا واضحًا آخر. فالطفل الذي يتعرض للتنمر قد يتوقف عن المشاركة في الأنشطة التي كان يستمتع بها سابقًا، أو يتجنب أصدقاءه، أو يفضّل البقاء في المنزل بدل اللعب خارجًا.
وقد يقضي وقتًا أطول في غرفته، أو يظهر فقدانًا للاهتمام بهواياته المعتادة، أو تحدث تغيرات مفاجئة في علاقاته مع زملائه.
هذه التغيرات جميعها يمكن أن تكون انعكاسًا لتجربة اجتماعية سلبية في محيط المدرسة.
5. التغيرات المفاجئة في المزاج أو السلوك
قد يسبب التنمر حالة من عدم الاستقرار العاطفي، تنعكس على شكل تقلبات في المزاج، نوبات بكاء، غضب غير معتاد، أو حزن غير مبرر.
وقد يلاحظ الأهل انخفاضًا في ثقة الطفل بنفسه، أو تكرار عبارات ذات طابع سلبي، مثل: "أنا لست جيدًا بما يكفي".
وتصنف الأكاديمية الأمريكية لطب نفس الأطفال والمراهقين التغيرات السلوكية المستمرة كأحد أقوى مؤشرات التوتر غير المُعالج، مؤكدة أهمية التدخل المبكر لدعم الطفل.
6. المتعلقات التالفة أو المفقودة
قد يشير فقدان متعلقات شخصية مثل نقود الغداء، أو تلف الزي المدرسي، أو الكتب الممزقة، إلى تعرض الطفل للإكراه أو التنمر الجسدي.
وغالبًا ما يلجأ الأطفال إلى تقديم تفسيرات غير منطقية أو الادعاء بأنهم أضاعوا أغراضهم لتجنب الاعتراف بالحقيقة أو حماية أنفسهم.
إذا تكررت مثل هذه الحوادث، فمن الضروري طرح أسئلة هادئة وبناءة تساعد الطفل على الإفصاح دون خوف.
كيفية التعامل عند الاشتباه بوجود تنمر
عند ملاحظة هذه العلامات، يُنصح بأن يتصرف الوالدان بهدوء ودعم.
ومن المهم تجنب أسلوب الاستجواب، والتوجه إلى طرح أسئلة مفتوحة تساعد في تهيئة بيئة آمنة للحوار.
كما يفضل توثيق الحوادث، والتواصل مع المعلمين أو المرشدين المدرسيين أو إدارة المدرسة لوضع خطة تدخل مناسبة.
وفي حال استمرار التغيرات العاطفية أو السلوكية، فقد يكون من الضروري الاستعانة باستشارة نفسية متخصصة.
غالبًا ما يبدأ التنمر بصمت، وقد يتحمله العديد من الأطفال دون أن ينطقوا بكلمة واحدة. لذلك فإن الوعي، والمتابعة الدقيقة، والتواصل المستمر مع الأبناء يشكلون خط الدفاع الأول لحمايتهم.
إن إدراك العلامات المبكرة للتنمر يُمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في حياة الطفل، وأن يعيد إليه شعور الأمان والثقة داخل المدرسة وخارجها.



