فوائد القهوة للكبد.. مشروب يومي يقلّل من خطر الإصابة بالسرطان
يمثّل شرب القهوة بالنسبة لملايين الأشخاص حول العالم طقسًا صباحيًا لا غنى عنه؛ إذ تمنحهم دفعة من التركيز، وتهيّئهم لبدء يومهم بطاقة أكبر وبلمسة من الهدوء.
غير أن تأثير القهوة لا يقتصر على اليقظة والنشاط فحسب؛ فوفقًا لأبحاث علمية حديثة، قد تحمل هذه الحبوب المحمّصة فوائد وقائية مهمة لأحد أكثر أعضاء الجسم حيوية: الكبد.
ومع ازدياد معدلات الإصابة بسرطان الكبد عالميًا، واعتباره من أسرع أسباب الوفيات المرتبطة بالسرطان ارتفاعًا، يتجه الباحثون إلى دراسة ما إذا كان فنجان القهوة اليومي قد يكون عاملًا مساعدًا في خفض خطر الإصابة بهذا المرض على المدى الطويل.
أدلة علمية متزايدة على دور القهوة في الوقاية
أفاد تحليل تلوي حديث خضع لمراجعة الأقران، وشمل أكثر من 130 ألف مشارك ضمن قاعدة بيانات PMC، أن زيادة تناول القهوة يوميًا بمقدار كوبين إضافيين ارتبطت بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الخلايا الكبدية وهو النوع الأكثر شيوعًا من سرطان الكبد بنسبة تقارب 35%.
كيف يمكن للقهوة أن تقلّل من خطر الإصابة بسرطان الكبد؟
ليست القهوة مجرد مصدر للكافيين؛ فهي تحتوي على أكثر من ألف مركب حيوي نشط، من ضمنها البوليفينولات والديتربينات ومضادات الأكسدة الطبيعية.
وتشير مجموعة واسعة من الدراسات إلى أن هذه المركبات قد:
تقلّل الالتهابات في خلايا الكبد.
تحدّ من الإجهاد التأكسدي.
تبطئ تطوّر تليف الكبد.
تحسن مستويات إنزيمات الكبد.
ويعد تليف الكبد أحد أبرز عوامل الخطر للإصابة بسرطان الكبد، إذ ينشأ غالبًا من تلف كبدي مزمن غير معالج.
دراسات دولية ترصد علاقة عكسية واضحة
تشير الأبحاث المنشورة في مجلات علمية دولية مرموقة إلى وجود علاقة عكسية قوية بين تناول القهوة وانتشار أمراض الكبد، بما في ذلك تليف الكبد، وأمراض الكبد المزمنة، وسرطان الكبد.
وتظهر هذه الدراسات انخفاضًا ملحوظًا في معدلات الإصابة بين الأشخاص الذين يتناولون القهوة بانتظام مقارنةً بغيرهم.
ويرى عدد من الخبراء أن هذه النتائج قد تكون ذات أهمية خاصة لأولئك الذين يعانون من أمراض الكبد المسبقة، مثل الكبد الدهني أو التهاب الكبد الفيروسي.
ما تُظهره الأدلة حتى الآن
كشفت مجموعة من المراجعات العلمية العالمية عن نتائج متسقة:
ربط تحليل شامل لتسع دراسات رئيسية شملت أكثر من 239 ألف مشارك بين تناول كوبين إضافيين من القهوة يوميًا وانخفاض خطر الإصابة بسرطان الكبد بنسبة تصل إلى 43%.
وأفادت مراجعة علمية أن أي مستوى من استهلاك القهوة، مقارنةً بعدم تناولها، يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الخلايا الكبدية بنسبة تقارب 40%.
وتشير الدراسات التحليلية الحديثة إلى أن هذه الفائدة لا تقتصر على القهوة المحتوية على الكافيين، بل تشمل أيضًا القهوة منزوعة الكافيين.
هذه النتائج مجتمعة تؤكد أن التأثير الوقائي المحتمل للقهوة يعود إلى مجموعة المركبات المعقدة الموجودة فيها، وليس الكافيين فقط.
ما الكمية التي توفر التأثير الوقائي؟
لا توجد توصية عالمية محددة بعد، إلا أن معظم الدراسات تشير إلى أن شرب ما بين كوبين إلى أربعة أكواب من القهوة يوميًا قد يوفر أفضل تأثير وقائي للكبد. والأهم أن هذه الفائدة تبدو متشابهة عبر مختلف أنواع القهوة، سواء كانت:
مُفلترة
إسبرسو
سريعة التحضير
ما يوحي بأن طريقة التحضير قد لا تلعب دورًا جوهريًا في الفائدة المحتملة.
ومع ذلك، يحذر الباحثون من الإفراط في شرب القهوة لما قد يسببه من آثار جانبية لدى بعض الأشخاص، مثل اضطرابات الجهاز الهضمي، الأرق، أو تسارع ضربات القلب.
ما الذي لا يمكن للقهوة أن تفعله؟
رغم قوة الأدلة القائمة، يوضح العلماء أن الدراسات القائمة على الملاحظة لا تثبت علاقة سببية مباشرة. أي أن شرب القهوة لا يمكن أن يعوّض عن السلوكيات المضرّة مثل:
التدخين
السمنة
إهمال علاج التهابات الكبد الفيروسية
كما لا تعد القهوة بديلاً عن الفحوصات الطبية الدورية أو برامج الكشف المبكر للأشخاص المعرضين لخطر مرتفع.
هل تفيد القهوة الجميع؟
يبدو أن الارتباط الإيجابي بين القهوة وتقليل خطر سرطان الكبد ثابت بين الجنسين، والعرقيات المختلفة، وبغضّ النظر عن الحالة الصحية الأساسية للكبد.
لكن بعض الفئات تحتاج إلى استشارة طبية قبل زيادة استهلاكها للقهوة، بما في ذلك:
مرضى اضطرابات نظم القلب
المصابون بالقلق الشديد
من يعانون من مشاكل مزمنة في المعدة
الحوامل
فالاعتدال يظل مبدأ أساسيًا في جميع الحالات.
تُظهر الأدلة العلمية المتراكمة أن تناول القهوة قد يقلّل من خطر الإصابة بسرطان الكبد عبر مجموعة من الآليات الحيوية، أبرزها خصائصها المضادة للالتهابات والأكسدة، بالإضافة إلى دورها في إبطاء تطور أمراض الكبد المزمنة.
وبينما تعمل الأبحاث الجارية على تأكيد العلاقة السببية، فإن البيانات الحالية تُشير إلى أن شرب القهوة باعتدال قد يمثّل وسيلة بسيطة وسهلة المنال لتعزيز صحة الكبد على المدى الطويل.



