كيف يؤثر نمط الحياة والشاشات على الصحة الإنجابية وخصوبة الرجال؟
لأعوام طويلة، كان الحديث عن الخصوبة يعتبر شأنًا نسائيًا في المقام الأول، لكن الواقع اليوم يشير إلى أن الرجال أصبحوا محور القلق بشكل متزايد.
انخفاض عدد الحيوانات المنوية، ضعف حركتها، اضطرابات الانتصاب، واختلال التوازن الهرموني، جميعها مشكلات تظهر في سن أصغر من أي وقت مضى، حتى بين من يبدو عليهم الصحة الجيدة.
الدكتورة نامراتا غوبتا، استشارية أولى في طب النساء والتوليد ، بحسب Only my health أوضحت أن هذا التراجع ليس مصادفة، بل يعكس التناقض بين أسلوب الحياة الحديث وطبيعة الرجل البيولوجية.
وقالت: "أرى بنفسي أن الرجال في العشرينات وأوائل الثلاثينات يعانون من مشاكل خصوبة كانت في السابق تقتصر على الأربعينات".
الحرارة والشاشات: العدو الخفي للحيوانات المنوية
من بين العوامل التي غالبًا ما تغفل في حالات العقم عند الرجال، ارتفاع درجة حرارة الخصيتين بشكل مستمر.
وذكرت الدكتورة غوبتا حالة شاب يبلغ من العمر 29 عامًا، مهووس بالألعاب الإلكترونية ويعمل مبرمج، فوجئ بنتائج تحليل السائل المنوي التي أظهرت ضعفًا كبيرًا.
لم يكن الشاب يدخن، ويمارس الرياضة بانتظام، ويعتبر نفسه بصحة جيدة، لكنه كان يضع حاسوبه المحمول على حجره ويحتفظ بهاتفه في جيبه، وينام بعد منتصف الليل يوميًا.
وقالت غوبتا: "هذا التعرض للحرارة كافٍ لتقليل إنتاج الحيوانات المنوية والتأثير على الحمض النووي".
إضافة إلى ذلك، فإن الاستخدام المفرط للشاشات، خصوصًا ألعاب الفيديو والتصفح ليلاً، يرفع التعرض للضوء الأزرق، مما يعيق إفراز الميلاتونين ويؤدي إلى اضطرابات النوم، وانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، وزيادة هرمونات التوتر، مما يقلل جودة الحيوانات المنوية ويزيد من الإجهاد التأكسدي.
التوتر والهرمونات: دائرة مفرغة
يلعب التوتر المستمر دورًا محوريًا في تراجع جودة الحيوانات المنوية.
ساعات العمل الطويلة، ضغط الأداء، الإفراط في الأجهزة الرقمية، والإرهاق الذهني، جميعها عوامل تؤدي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول، الذي يثبط إنتاج هرمون التستوستيرون. وهذا يؤثر على:
وظيفة الانتصاب
الرغبة الجنسية
مستوى الطاقة
تنظيم المزاج والعواطف
حسب غوبتا، فإن التهيج أو سرعة الغضب عند بعض الرجال غالبًا ما يكون له أساس هرموني، وليس نفسيًا فقط.
النوم: المفتاح الخفي للخصوبة
هرمون التستوستيرون يصل ذروته أثناء النوم العميق، لذلك يؤدي الحرمان المستمر من النوم أو الروتين غير المنتظم إلى خفض إنتاج الهرمون بشكل طبيعي، وهو ما يضعف الخصوبة تدريجيًا.
وتقول غوبتا: "الجسم يقلل نشاط جهاز التكاثر أولًا عندما يشعر بالتهديد للبقاء".
نصائح الخبراء لحماية الخصوبة
تؤكد غوبتا أن تعديل نمط الحياة يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، وتقدم النصائح التالية:
ممارسة تمارين رفع الأثقال بدل الإفراط في تمارين الكارديو لتعزيز هرمون التستوستيرون وحساسية الأنسولين.
التعرض اليومي لأشعة الشمس لدعم مستويات فيتامين د وجودة الحيوانات المنوية.
الحفاظ على الترطيب لدعم حجم السائل المنوي ولزوجته.
تناول العناصر الغذائية المهمة مثل الزنك، المغنيسيوم، أحماض أوميغا 3، ومضادات الأكسدة.
تخصيص فترات للراحة من الأجهزة الرقمية، خاصة قبل النوم.
استخدام تقنيات التنفس واليقظة الذهنية لخفض مستويات الكورتيزول.
وقالت : "تتجدد الحيوانات المنوية كل 74 يومًا، مما يعني أن التغييرات التي تُطبق اليوم يمكن أن تحدث نتائج ملحوظة في غضون أسابيع".
الخصوبة عند الرجال اليوم ليست مجرد مسألة بيولوجية، بل انعكاس مباشر لنمط الحياة الحديث، حيث الحرارة، الشاشات، قلة النوم، المواد المخدرة، والتوتر تتجمع لتضعف الصحة الإنجابية، لكن التغيير ممكن إذا تم تبني نمط حياة صحي ومتوازن.



