حمّى الدماغ.. مصطلح شعبي لمرض خطير يكشفه الأطباء
يلجأ كثيرون لاستخدام مصطلح "حمّى الدماغ" لوصف شخص يصاب بارتفاع شديد في الحرارة مصحوب باضطراب في الوعي أو السلوك، ما يثير القلق ويدفع للاعتقاد بأن الدماغ نفسه يتعرّض للالتهاب.
لكن هل هذا المصطلح حالة طبية معترفًا بها؟
الأطباء يؤكدون أن "حمّى الدماغ" ليست تشخيصًا طبيًا، بل تعبير شائع يشير غالبًا إلى التهاب السحايا أو التهاب الدماغ، وهما من أخطر أنواع الالتهابات التي تصيب الجهاز العصبي المركزي وقد تهدد الحياة إذا لم تعالج سريعًا.
ولفهم الحقيقة الطبية وراء هذه الظاهرة، تشرح إلى الدكتورة ديفيا جوشي، استشارية الأمراض المعدية بحسب Onlymyhealth.
ما المقصود فعليًا بـ"حمى الدماغ"؟
تقول الدكتورة جوشي:"حمّى الدماغ مصطلح عام، أما في الطب فنشير تحديدًا إلى التهاب السحايا أو التهاب الدماغ، وكلاهما ناتج عن التهاب يصيب الدماغ أو الأغشية المحيطة به".
غالبًا ما تنشأ هذه الالتهابات بسبب عدوى بكتيرية أو فيروسية أو فطرية، وفي حالات أقل شيوعًا نتيجة عدوى طفيلية. وقد تتطور العدوى البسيطة إلى التهاب خطير عند انتشار العامل الممرض ووصوله إلى الدماغ، ما يؤثر مباشرة في وظائفه الحيوية.
وعلى الرغم من أن الحمّى الفيروسية الشائعة لا تُصيب الدماغ، فإن بعض العدوى الجهازية الخطيرة قد تتفاقم سريعًا وتؤدي إلى ظهور أعراض عصبية.
كيف تؤثر الحمى على الدماغ؟
توضح الدكتورة جوشي أن الحمى بحد ذاتها ليست المشكلة، بل اختراق الميكروب لحاجز الدم الدماغ ووصوله إلى الجهاز العصبي المركزي.
وتضيف: "ليست درجة الحرارة المرتفعة هي السبب الرئيسي، بل العدوى ورد الفعل الالتهابي اللذان يسبّبان ضغطًا على أنسجة الدماغ".
هذا الضغط يؤدي إلى أعراض عصبية خطيرة، أبرزها:
صداع شديد ومستمر
تيبّس الرقبة
اضطراب الوعي أو الارتباك
نوبات تشنج
قيء متكرر
حساسية الضوء
تغيّرات مفاجئة في السلوك.
أما لدى الأطفال، فقد تظهر علامات إضافية مثل:
النعاس الشديد، البكاء غير المعتاد، رفض الرضاعة أو الطعام، وظهور مناطق لينة في الجمجمة.
من الأكثر عرضة للإصابة؟
بحسب الدكتورة جوشي، فإن الخطر يكون أعلى لدى:
الرضع
كبار السن
أصحاب المناعة الضعيفة
الأشخاص غير الملقحين ضد أمراض مثل: الحصبة، النكاف، المستدمية النزلية، التهاب الدماغ الياباني
من يعيشون في بيئات ذات نظافة منخفضة أو مياه ملوثة
من يتعرضون للدغات البعوض الناقل للفيروسات
كيف يتم تشخيص "حمّى الدماغ"؟
نظرًا لأن الأعراض الأولية قد تشبه الحمى العادية، فإن التشخيص يحتاج إلى إجراءات دقيقة وسريعة، وتشمل:
تحاليل الدم
التصوير المقطعي أو بالرنين المغناطيسي
البزل القطني لتحليل السائل النخاعي
تخطيط كهربائي للدماغ في حال حدوث نوبات.
وتؤكد جوشي: "التشخيص المبكر والعلاج الفوري هما الفارق بين الشفاء التام والمضاعفات الخطيرة".
هل يمكن الوقاية من "حمّى الدماغ"؟
الوقاية ممكنة إلى حد كبير عبر:
النظافة الشخصية وغسل اليدين
شرب مياه آمنة
مكافحة البعوض
الالتزام بجدول التطعيمات
أخذ اللقاحات الخاصة بالأمراض التي قد تسبب التهابات دماغية، مثل:
الحصبة، النكاف، المكورات الرئوية، التهاب الدماغ.
"حمّى الدماغ" ليست مصطلحًا طبيًا، لكنها جرس إنذار يشير غالبًا إلى التهابات خطيرة تصيب الدماغ، مثل التهاب السحايا والتهاب الدماغ.
ويرى الخبراء أن أفضل سبل الحماية تتمثل في التشخيص المبكر، والعلاج السريع، والتطعيم المنتظم، لمنع المضاعفات التي قد تهدد الحياة.



