«عقارماب»: المشترون يعيدون تعريف "الوحدة المثالية" هرباً من الضغوط السعرية
كشف التقرير السنوي الصادر عن «عقارماب» حول مؤشرات السوق العقاري عن تعديل جذري في استراتيجيات اقتناء العقارات، مدفوعاً باستمرار تصاعد الأسعار وصعوبة تأمين التمويل.
وتُظهر البيانات أن العملاء يتجهون بصورة أكبر نحو امتلاك عقارات ذات مساحات محدودة، أو يختارون الانتقال إلى ضواحٍ أبعد جغرافياً عن المراكز الحضرية الرئيسية، كما أن فئة من المشترين اختارت إرجاء قرار التملك، مفضلة الاستئجار كحل مؤقت ريثما يتحقق استقرار في مستويات الأسعار.
تحول سلوك الشراء نحو الوحدات المدمجة
أفاد التقرير بأن سلوك المشترين قد تطور بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الأخيرة (2019 – 2024). فمع توسّع العمران نحو المدن الجديدة والمناطق المحيطة بالقاهرة الكبرى، ارتفعت نسبة الذين يشترون في مناطق بعيدة تدريجياً.
كما قفزت نسبة الإقبال على الوحدات الصغيرة لتتجاوز 30% في عام 2024، بعد أن كانت 25% فقط في 2019، وهو ما يعكس تفضيلاً للمشترين لتقليل المساحة مقابل الحفاظ على ملكية العقار.
الشراء في الأماكن الاقل تكلفة
أوضحت نتائج البحث وجود تباين في كيفية استجابة الشرائح الاجتماعية لارتفاع التكاليف، حيث فضل ما يزيد عن 40% من الأفراد ذوي الدخل المرتفع (الفئة الاجتماعية الأعلى) شراء وحدات سكنية بمساحات أقل بدلاً من الإصرار على العقارات الفسيحة، في المقابل، لجأت شرائح الدخل المتوسط والمنخفض إلى خيار الشراء في المناطق الأقل كلفة أو الأكثر بعداً عن قلب العاصمة.
الاستئجار كحل بديل رئيسي
ارتفع خيار الاستئجار ليصبح ثاني البدائل الأكثر شيوعاً، متجاوزاً نسبة 30% بين المشترين في الفئتين المتوسطة والعليا، كنتيجة مباشرة لارتفاع كلفة التملك العقاري وصعوبة توفر تسهيلات التمويل العقاري.
ورغم أن الإيجار كان الخيار الأوسع انتشاراً في عام 2022 (بنسبة 50% من المشاركين)، فقد انخفضت هذه النسبة في 2024، ما يوحي بتمكن بعض المستأجرين من العودة للشراء ضمن حدود قدرتهم الشرائية المتاحة.
إقامة عائلية مستمرة
تم رصد زيادة بسيطة في عدد الأفراد الذين يختارون الإقامة المشتركة مع العائلة، وهو ما يُعد مؤشراً إلى استمرار الضغوط المالية على فئة الشباب الباحثين عن سكن مستقل، ما يدفعهم إلى تأجيل الانفصال عن المسكن العائلي بسبب التكاليف الباهظة للتملك أو الاستئجار.
توسع عمراني متوازن
ويرى المحللون في «عقارماب» أن هذه التحولات تعبر عن مستوى عالٍ من المرونة في السوق العقارية المصرية وقدرة العملاء على التكيف مع التحديات الاقتصادية، ومع استمرار زيادة الأسعار، أصبح الاهتمام مركَّزاً على المشروعات الواقعة في الضواحي وتلك التي توفر وحدات مدمجة.
ويشدد التقرير على أن زيادة أهمية برامج التمويل الميسر والدعم الحكومي هي مفتاح تمكين الفئات المتوسطة من تحقيق التملك.
هذه المؤشرات تمهد الطريق لنمو عمراني جديد وأكثر توازناً، يعتمد على تقديم حلول سكنية متنوعة وذكية تتناسب مع القوة الشرائية، وتوسع نطاق الطلب خارج الأحزمة السكنية التقليدية.
واعتمد تقرير «عقارماب» لعام 2024 على تحليل دقيق لبيانات أكثر من مليوني مستخدم لمنصته الإلكترونية، بالإضافة إلى إجرائه استطلاعات رأي دورية وتحليل بيانات أكثر من 300 ألف عقار معروض، بالتعاون مع ما يزيد على 600 مطور وشركة تسويق عقاري.)



