رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

باكستان على صفيح ساخن: تعديل دستوري يمنح الجيش سلطة مطلقة ويقيد صلاحيات القضاء

البرلمان الباكستاني
البرلمان الباكستاني

خطوة وُصفت بأنها ضربة قاصمة للديمقراطية تشهدها باكستان اليوم، بعدما أقرّ البرلمان تعديلاً دستورياً يمنح قائد الجيش صلاحيات غير مسبوقة، ويحد من نفوذ المحكمة العليا التي شكلت لسنوات عقبة أمام الحكومات المتعاقبة.

القرار أثار عاصفة من الجدل السياسي وسط اتهامات بتمكين المؤسسة العسكرية من إحكام قبضتها على الحكم.

البرلمان الباكستاني يصادق على تعديل مثير للجدل

جلسة حاسمة عقدها البرلمان الباكستاني الأربعاء انتهت بإقرار تعديل دستوري مثير للجدل، حصل على أغلبية ساحقة تجاوزت ثلثي أعضاء مجلس النواب، مقابل معارضة أربعة نواب فقط. 

التشريع حظي بموافقة مجلس الشيوخ قبل يومين، في عملية تمرير وُصفت بالأسرع في تاريخ التعديلات الدستورية، إذ جرت دون مناقشة حقيقية بعد مقاطعة قوى المعارضة للجلسة.

توسيع سلطات الجيش على حساب القضاء

التعديل الجديد يوسّع صلاحيات قائد الجيش الباكستاني بشكل كبير، ويقيد في المقابل صلاحيات المحكمة العليا التي طالما تصدت لقرارات السلطة التنفيذية. 

ووفقاً للنص، سيُرقّى رئيس الأركان العامة عاصم منير إلى منصب “رئيس قوات الدفاع”، ليشرف رسمياً على القوات البحرية والجوية إلى جانب الجيش البري. 

كما ينص التعديل على احتفاظه برتبته العسكرية بعد انتهاء ولايته، ومنحه حصانة قانونية مدى الحياة، في سابقة غير معهودة في تاريخ المؤسسة العسكرية الباكستانية.

محكمة جديدة تحت سيطرة الحكومة

التعديلات تنص أيضاً على إنشاء “محكمة دستورية اتحادية” لتحل محل المحكمة العليا في النظر بالقضايا الدستورية، على أن تعيّن الحكومة أعضاءها مباشرة. 

هذه الخطوة تثير مخاوف قانونيين وسياسيين يرون أنها تضعف استقلال القضاء وتمنح السلطة التنفيذية، ومعها الجيش، نفوذاً واسعاً على مؤسسات الدولة. 

المحكمة العليا كانت خلال السنوات الماضية سبباً في إبطال سياسات حكومية وإقالة رؤساء وزراء، ما جعلها شوكة في حلق السلطة.

انتقادات داخلية وتحذيرات من انزلاق ديمقراطي

الأصوات المعارضة اعتبرت التعديل انقلاباً دستورياً ناعماً يعزز حكم العسكر في البلاد.

حركة الإنصاف الباكستانية التي أسسها رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان، أعلنت رفضها القاطع للتعديلات مؤكدة أنها لم تُستشر في إعداد المشروع. 

وقال متحدث باسمها إن ما حدث “يكرّس نظاماً عسكرياً بواجهة مدنية”.

في المقابل، يرى أنصار الحكومة أن الخطوة تهدف إلى تعزيز الاستقرار السياسي وتسهيل التنسيق بين مؤسسات الدولة في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها البلاد.

خطوة تحمل تداعيات واسعة

التوقيع المرتقب من الرئيس على التعديل يعد إجراءً شكلياً، لكنه يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في السياسة الباكستانية، تتراجع فيها مساحة الديمقراطية لحساب النفوذ العسكري.

المحللون يحذرون من أن يؤدي هذا التغيير إلى مزيد من التوتر بين مؤسسات الدولة، وإلى تصاعد حدة المواجهة بين الجيش والمعارضة، في بلد لم يعرف استقراراً سياسياً حقيقياً منذ عقود.

تم نسخ الرابط