رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير لـ"تفصيلة": لقاء الشرع وترامب تحول تاريخي سيعيد رسم خرائط الإقليم
يشهد المشهد السياسي السوري واحدة من أكثر لحظاته حساسية منذ عقود، بعدما أحدث لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب صدمة دبلوماسية واسعة.
لقاء يوصف بأنه تاريخي وغير مسبوق كونه أول استقبال لرئيس سوري داخل البيت الأبيض، ما فتح الباب أمام تحولات استراتيجية تتجاوز حدود البروتوكول إلى إعادة تشكيل مسار العلاقات بين دمشق وواشنطن.
لقاء غير مسبوق يطلق مرحلة سياسية جديدة
قال مازن درويش، رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بألمانيا، في تصريحات خاصة لـ"تفصيلة"، إن استقبال ترامب للرئيس الشرع يُعد حدثاً مفصلياً.
وأكد أن اللقاء يمثل تتويجاً لمسار بدأ منذ ربيع 2025 من بوابة الرياض، ثم عبر الإجراءات المتدرجة لتخفيف العقوبات الأمريكية وفتح قنوات اتصال أكثر مرونة.
وأوضح درويش أن اللقاء لا يقتصر على كونه حركة بروتوكولية، بل يشكل بداية تغيير نوعي في طبيعة التعاطي الأمريكي مع دمشق، رغم أنه لم يصل بعد إلى مستوى التحالف الاستراتيجي الشامل.
توجه سوري متسارع نحو الغرب مع الحفاظ على التوازن مع موسكو وبكين
وأشار درويش إلى أن الدبلوماسية السورية تتحرك بوتيرة متسارعة نحو المحور الغربي دون تفريط بالعلاقات مع موسكو التي زارها الرئيس الشرع سابقاً.
وتخوض وزارة الدفاع السورية، وفق قوله، مباحثات موسّعة مع الجانب الروسي لاستكمال خطط تسليح الجيش.
وأضاف أن بكين تشكل ضلعاً أساسياً في مقاربة دمشق الجديدة، حيث يستعد الشرع لزيارة الصين خلال الأيام المقبلة، في خطوة تعكس رغبة واضحة في الحفاظ على سياسة خارجية متعددة الاتجاهات.
التحالف الدولي ضد داعش… خطوة تحمل أثراً أمنياً وسياسياً كبيراً
وأوضح درويش أن الانضمام المرتقب لسوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش سيشكّل نقطة تحول كبيرة، شريطة أن يترافق مع تنسيق ميداني واستخباراتي وتمويلي فعلي.
وتوقع أن تعيد هذه الخطوة رسم الدور الوظيفي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ضمن إطار جديد لمكافحة الإرهاب، ينسجم مع التحول في الموقفين السوري والأمريكي.
مرحلة “تفاهم حذر” رهن بالاختبارات المقبلة
ووصف درويش المرحلة الراهنة بأنها مرحلة تفاهم حذر قابل للتطور نحو تحالف وظيفي، شرط امتلاك دمشق القدرة على تحقيق تقدم ملموس في ملفات الأمن، ومكافحة المخدرات، وحقوق الإنسان، والتشاركية الوطنية، وترتيبات النفوذ الإقليمي خصوصاً في العلاقة مع موسكو وطهران.
وأكد أن الوصول إلى تحالف سياسي كامل يظل مرهوناً باختبارات الثقة وحل الملفات المعقدة، وعلى رأسها الملف السوري–الإسرائيلي، وهو ما يجعل المشهد الحالي أقرب إلى مسار جديد قيد التشكل.
رمزية اختيار مبنى "إيزنهاور" وقراءة في لغة الصورة
ورأى درويش أن اختيار مبنى إيزنهاور الإداري (EEOB) بدلاً من الجناح الرئاسي أمر منطقي لأن الزيارة لا تحمل طابع الزيارة الرسمية، بل تندرج ضمن لقاء عمل خاص يتيح سيطرة أكبر على المشهد الإعلامي.
وأشار إلى أن الصور المنشورة أظهرت دفئاً واضحاً في اللقاء، وحضوراً رفيع المستوى يعبّر عن جدية المباحثات.
قانون قيصر… خطوة للتخفيف ولكن دون ضمانات
وتطرّق درويش إلى مستقبل قانون قيصر، موضحاً أن إلغاءه يحتاج قراراً من الكونجرس الأمريكي، وأن العمل عليه جارٍ وقد تظهر نتائجه قبل نهاية العام.
وبيّن أن تعليق بعض بنوده لمدة ستة أشهر خطوة إيجابية، لكنها غير كافية لجذب الاستثمارات الأجنبية، لأن المستثمرين لن يضخوا أموالهم قبل إلغاء القانون بالكامل وتوفير ضمانات قانونية حقيقية.
واختتم درويش مؤكداً أن التحولات الجارية تحمل ملامح مرحلة جديدة ربما تعيد رسم خريطة التوازنات في الشرق الأوسط ما بعد الحرب السورية.



