الشيباني يعيد دبلوماسيين انشقوا عن نظام الأسد ودمشق تحتفل بعودة رموز الخارج إلى حضن سوريا
مشهد غير مسبوق تشهده العاصمة السورية دمشق، بعد توقيع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قراراً يقضي بإعادة عشرات الدبلوماسيين المنشقين إلى صفوف وزارة الخارجية، في خطوة أثارت اهتماماً سياسياً واسعاً واحتفالات رسمية داخل أروقة الوزارة.
القرار يأتي بعد أشهر قليلة من سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، ليشكل بداية مرحلة جديدة في السياسة السورية، تقوم على استعادة الكوادر التي كانت في قلب النظام ثم غادرته خلال سنوات الحرب الطويلة.
عودة رموز الدبلوماسية المنشقّة
القرار الصادر عن وزير الخارجية شمل إعادة 19 دبلوماسياً سورياً إلى العمل، وفق ما أكده مدير إدارة المنظمات الدولية في الوزارة سعد بارود.
وأوضح بارود أن الخطوة تأتي في إطار “المصالحة الوطنية وإعادة بناء العمل الدبلوماسي السوري على أسس جديدة”، مشيراً إلى أن العائدين يمثلون “وجوهاً بارزة كانت في الصفوف الأولى للعمل الخارجي السوري قبل الحرب”.
أسماء بارزة ضمن العائدين
تضمنت قائمة الدبلوماسيين العائدين شخصيات كانت معروفة في المشهد الخارجي قبل انشقاقها، أبرزهم:
لمياء الحريري، رئيسة بعثة سوريا في قبرص سابقاً.
خالد الأيوبي، القائم بالأعمال في السفارة السورية بلندن سابقاً.
داني بعاج، عضو سابق في البعثة الدائمة السورية بجنيف.
باسل نيازي، دبلوماسي سابق في البعثة السورية لدى الأمم المتحدة.
ويُتوقع أن تُسند إلى هؤلاء مهام جديدة في المرحلة المقبلة ضمن خطة إعادة هيكلة وزارة الخارجية وتفعيل الحضور السوري في المنظمات الدولية.
فرحة واحتفالات في دمشق
أجواء احتفالية سادت مبنى الخارجية في دمشق عقب الإعلان عن القرار، حيث عبّر عدد من الدبلوماسيين العائدين عن سعادتهم بالعودة إلى الخدمة الرسمية، مؤكدين أن القرار يشكل تعويضاً معنوياً كبيراً بعد سنوات من الغياب، وأنهم على استعداد للمساهمة في إعادة صورة الدبلوماسية السورية إلى مكانتها الطبيعية بعد مرحلة الانقسام.
وشهدت العاصمة دمشق أيضاً احتفالات رمزية داخل الوزارة، اعتبرها مراقبون مؤشراً على عودة روح الدولة إلى مؤسساتها المدنية.
دلالة القرار.. مصالحة سياسية أم إعادة تموضع؟
هذه الخطوة تحمل أبعاداً سياسية تتجاوز الإطار الإداري، إذ تُعد رسالة إلى الداخل والخارج بأن دمشق تسعى لترميم مؤسساتها وإعادة اللحمة الوطنية بعد مرحلة الحرب الطويلة.
ويرى محللون أن الشيباني يسعى من خلال هذا القرار إلى تعزيز الثقة الدولية بالحكومة الجديدة، وإظهار أن سوريا تدخل مرحلة ما بعد الصراع عبر إعادة دمج رموزٍ انشقت احتجاجاً على ممارسات النظام السابق.
في المقابل، يعتقد آخرون أن القرار يمثل إعادة تموضع محسوبة تهدف إلى كسب الخبرات الدبلوماسية السابقة والاستفادة منها في رسم ملامح السياسة الخارجية السورية في ظل المشهد الإقليمي المتغير.
ذاكرة الحرب والانشقاقات
منذ اندلاع الحرب في سوريا قبل 14 عاماً، شهدت البلاد موجات انشقاق واسعة شملت ضباطاً في الجيش ومسؤولين ودبلوماسيين، احتجاجاً على سياسات النظام والقمع الدموي الذي أودى بحياة الآلاف.
كما اختفى آلاف السوريين في المعتقلات والسجون والمقابر الجماعية، بحسب منظمات حقوقية دولية.
واليوم، بعد سقوط النظام السابق، تحاول الحكومة الجديدة فتح صفحة جديدة عبر إجراءات رمزية تسعى لإعادة الكفاءات الوطنية إلى مواقعها، وسط تساؤلات عن مدى قدرة دمشق على تحقيق مصالحة حقيقية تتجاوز الطابع الشكلي.



