بريطانيا تعيد رسم خريطة النفوذ في سوريا.. خبير لـ"تفصيلة": الشرع أصبح الورقة الغربية لمواجهة أنقرة وطهران

قرار بريطانيا برفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب لم يكن مجرد إجراء سياسي عابر، بل تحول نوعي في المشهد السوري المعقد.
الخبير في الشأن الروسي ورئيس وحدة الدراسات الأوروبية والاستراتيجية بمركز العرب هاني الجمل، أكد في تصريحات خاصة لموقع تفصيلة أن هذا القرار ستكون له انعكاسات مباشرة على موازين القوى في شمال وشرق سوريا، خاصة في ظل التوتر القائم بين قوات "قسد" الكردية وقوات الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
فتيل جديد في الداخل السوري
الجمل يرى أن الخطوة البريطانية قد تشعل فتائل جديدة داخل الساحة السورية، لكنها في الوقت ذاته تمهد لتفاهمات عسكرية وسياسية أوسع.
وأوضح أن هناك اتجاهًا لدمج بعض التشكيلات المسلحة ضمن الجيش السوري الجديد، وهو أمر لم يتحقق بعد بالصورة الكاملة، لكنه مطروح بقوة ضمن الخطط الأمنية الجارية في دمشق.
وأضاف الجمل أن أحمد الشرع، باعتباره أحد الرموز الراديكالية السابقة في سوريا، يمتلك خبرة ميدانية تؤهله للتعامل مع الجماعات المتشددة المنتشرة في معسكرات مثل الهول وغيرها، ما قد يساعد في تفكيكها أو إعادة دمج عناصرها في الحياة المدنية أو العسكرية وفق النموذجين العراقي والأفغاني.
بوابة للاستثمارات وإعادة الإعمار
الخبير أكد أن رفع التصنيف الإرهابي عن الحكومة السورية الجديدة يفتح الباب أمام موجة استثمارات أجنبية واسعة.
وأوضح أن سوريا اليوم تُعد واحدة من أهم الساحات المحتملة لعقود إعادة الإعمار، لما تمتلكه من ثروات طبيعية متنوعة تشمل الطاقة والمعادن والزراعة والمياه.
وأشار إلى أن الاستثمارات الخليجية بدأت بالفعل التوسع في الداخل السوري، ما يعكس ثقة متزايدة بالوضع الأمني والسياسي الجديد بعد تراجع حدة الصراع.
توازنات معقدة شمالًا وشرقًا
ويرى الجمل أن القرار البريطاني سيؤثر بعمق على التوازنات بين الفصائل المسلحة في شمال وشرق البلاد، حيث تتشابك الأدوار بين الأكراد والسلطة المركزية في دمشق، وبين تركيا التي تعتبر النشاط الكردي تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
وأوضح أن بريطانيا، بما لها من خبرة تاريخية في إدارة صراعات الشرق الأوسط، قد تسعى إلى "هندسة مشهد جديد" يوازن بين مصالح الأطراف المختلفة ويمنع تصاعد التوترات.
واشنطن تمسك بالخيوط الكبرى
الجمل شدد على أن بريطانيا لن تتحرك منفردة في هذا الملف، إذ تبقى الولايات المتحدة صاحبة اليد العليا في صياغة مستقبل سوريا والمنطقة.
وأشار إلى أن واشنطن تعمل على رسم ملامح شرق أوسط جديد تتداخل فيه المصالح التركية والإسرائيلية بطريقة تضمن استقرار النفوذ الغربي، وتمنع عودة رجال بشار الأسد إلى المشهد السياسي مرة أخرى.