مباحثات تمهيدية.. هل تكون سوريا وإسرائيل على أعتاب تطبيع تاريخي؟

تجري إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حاليًا، مباحثات تمهيدية مع إسرائيل وسوريا بشأن اتفاق أمني محتمل بين الطرفين المعاديين منذ فترة طويلة.
في حين أن التطبيع ليس مطروحًا على الطاولة بعد، فإن المحادثات يمكن أن تضع الأساس للدبلوماسية المستقبلية، بدءًا بالجهود الرامية إلى الحد من التوترات وتحديث الترتيبات الأمنية على طول الحدود الإسرائيلية السورية المضطربة.
ومن شأن أي اختراق أن يمثل إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا لإدارة ترامب، نظرًا لعقود من العداء بين إسرائيل وسوريا تحت حكم عائلة الأسد.
عملية تدريجية لبناء الثقة
بعد أن أطاحت المعارضة السورية بنظام الأسد نهاية العام الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي أنه سيخفف العقوبات على سوريا من أجل إعطاء البلد الذي مزقته الحرب فرصة للنهوض.
والآن، تفضل الولايات المتحدة عملية تدريجية من شأنها أن تبني الثقة تدريجيًا وتحسن العلاقات بين إسرائيل وسوريا، وفق وسائل إعلام أمريكية.
مطالب إسرائيلية
لكن إسرائيل تسعى للحصول على تأكيدات بأن أي محادثات ستؤدي في نهاية المطاف إلى اتفاق سلام كامل وتطبيع العلاقات.
يأتي ذلك في وقت يرى فيه مراقبون أن الاتفاق ليس في الأفق، وأن الأمر سيستغرق بعض الوقت لتحقيق تقدم ملموس.
هدف نتنياهو
في أوائل يونيو الجاري، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مبعوث ترامب إلى سوريا توم باراك أنه مهتم بالتفاوض على اتفاقية أمنية جديدة مع الحكومة السورية، بوساطة الولايات المتحدة.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن هدف نتنياهو هو مجموعة من الاتفاقيات مع سوريا على مراحل، بدءًا بنسخة حديثة من اتفاق فك الاشتباك بين القوات لعام 1974، وانتهاءً في نهاية المطاف باتفاق سلام كامل وتطبيع العلاقات.
ضغوط عسكرية إسرائيلية
وعندما أطاحت المعارضة السورية بقيادة أحمد الشرع بنظام الأسد في ديسمبر الماضي، ردت إسرائيل بموجات من الغارات الجوية التي دمرت بشكل منهجي ما تبقى من القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوي وأنظمة الصواريخ السورية.
وسيطرت إسرائيل أيضًا على المنطقة العازلة وأراضٍ داخل سوريا، بما في ذلك جبل الشيخ الاستراتيجي.
وينظر مراقبون إلى هذه المناطق باعتبارها ورقة الضغط الأساسية في المفاوضات، ويقولون إن إسرائيل لن تنسحب إلا في مقابل السلام الكامل والتطبيع مع سوريا.
محاولات لبدء مفاوضات رسمية
وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن باراك كان على اتصال مع مسؤولين سوريين منذ زيارته لإسرائيل في أوائل يونيو لاستكشاف إمكانية إطلاق محادثات رسمية.
ورغم وجود قنوات اتصال بين تل أبيب ودمشق، ترغب إسرائيل أن تتولى الولايات المتحدة دور الوساطة المباشرة، باعتبار أن ذلك من شأنه أن يعطي الحكومة السورية حافزًا أقوى للانخراط بجدية في المحادثات.
وفي الأثناء، أكدت وسائل إعلام أمريكية، أن المباحثات التي تجرى حاليًا لا تزال في مراحلها الأولية، وأن أي اختراق دبلوماسي محتمل قد يتطلب وقتًا طويلًا.
عقبة رئيسية في أي مفاوضات
ويظل وضع مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل من سوريا خلال حرب عام 1967، إحدى أكبر العقبات التي تحوم حول أي محادثات سلام مستقبلية بين تل أبيب ودمشق.
في كل جولة سابقة من المفاوضات على مدى العقود الثلاثة الماضية، طالبت سوريا بانسحاب إسرائيلي كامل ــ أو شبه كامل ــ من الأراضي مقابل السلام.
وخلال فترة ولايته الأولى، اعترف ترامب بمرتفعات الجولان كجزء من إسرائيل - وهي الخطوة التي لم تتراجع عنها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر يوم الاثنين، إن إسرائيل منفتحة على اتفاق مع سوريا، لكنه أصر على أن مرتفعات الجولان ستظل جزءًا من إسرائيل بموجب أي اتفاق مستقبلي.
زيارات دبلوماسية إلى واشنطن
ويزور رون ديرمر، المقرب من نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية، واشنطن هذا الأسبوع لعقد اجتماعات مع مسؤولين في البيت الأبيض، ويتوقع أن تكون المفاوضات مع سوريا أحد المواضيع الرئيسية في تلك اللقاءات.
ومن المتوقع أن يزور نتنياهو البيت الأبيض أيضًا خلال الفترة المقبلة لبحث الملف السوري مع ترامب، إلى جانب قضايا إقليمية أخرى.
فرص الاختراق الدبلوماسي
ورغم الجهود الأمريكية المستمرة لفتح قنوات الاتصال بين دمشق وتل أبيب، يرى مراقبون أن فرص الاختراق الدبلوماسي تبقى غير مؤكدة في الوقت الراهن.