تصاعد الغضب داخل الحكومة الإسرائيلية من عنف المستوطنين: انتقادات علنية وتحذيرات من تداعيات خطيرة
تتصاعد داخل إسرائيل موجة انتقادات غير مسبوقة ضد أعمال العنف التي ينفذها المستوطنين في الضفة الغربية، وسط تحذيرات رسمية من خطورة هذه الاعتداءات على صورة إسرائيل وعلى الوضع الأمني في الأراضي المحتلة.
وتشهد الساحة السياسية الإسرائيلية حالة توتر واضحة بعدما خرج رئيس الحكومة ووزراء بارزون بانتقادات مباشرة، مؤكدين أن هذه الهجمات تمثل تهديداً حقيقياً وتستوجب تحركاً فورياً من أجهزة الأمن.
نتنياهو يعلن موقفاً حاداً: عنف المستوطنين يضر بإسرائيل
تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يأتي بنبرة غير معتادة، حيث أعلن في بيان رسمي أن أعمال الشغب العنيفة التي يمارسها المستوطنين في الضفة الغربية تمثل أفعالاً خطيرة وتلحق ضرراً بإسرائيل.
وأكد أن المشاهد المتداولة خلال الأسابيع الأخيرة تكشف عن تجاوزات تتطلب مواجهة قانونية حاسمة.
أوضح نتنياهو أن الممارسات العدوانية التي ينفذها المستوطنين تستوجب من سلطات إنفاذ القانون استنفاد جميع الإجراءات المتاحة ومحاسبة المتورطين.
وأكد أنه ينظر بجدية شديدة إلى هذه الظاهرة، مشيراً إلى أنه سيتدخل شخصياً لمعالجة الملف عبر اجتماع عاجل مع الوزراء المعنيين بهدف وضع رد مناسب لهذه الاعتداءات.
دعم نتنياهو الصريح للمؤسسة الأمنية جاء ليؤكد أن الحكومة تريد إرسال رسالة واضحة للمستوطنين، إذ قال إن الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن سيواصلون العمل بحزم ودون تردد من أجل حفظ النظام ومنع الفوضى.
وزراء بارزون ينضمون إلى الانتقاد: إدانة واضحة وموقف موحد
موقف الحكومة لم يقتصر على رئيسها، بل شمل وزراء بارزين عبروا عن رفضهم القاطع للعنف المتصاعد.
فقد وصف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ما يقوم به المستوطنون بأنه "أفعال مشينة" تسيء لإسرائيل داخلياً وخارجياً.
وأكد أن استمرار هذه الهجمات يخلق مناخاً خطيراً يهدد الاستقرار ويقوض أي جهود سياسية أو أمنية.
أدان وزير الخارجية الهجمات التي ينفذها المستوطنين وإحراقهم قرى فلسطينية، مشيراً إلى أن هذا السلوك لا يمثل إسرائيل ولا يخدم مصالحها، ويزيد في الوقت ذاته من التوتر الميداني ويقود إلى تداعيات يصعب احتواؤها.
كما دخل وزير الدفاع يسرائيل كاتس على خط الانتقادات بتصريح مباشر أكد فيه أن الأجهزة الأمنية "لن تتساهل" مع مرتكبي العنف من المستوطنين.
وشدد على أن الدولة ستتعامل مع هذه الاعتداءات باعتبارها خرقاً خطيراً للقانون وأن الرد سيكون صارماً وحاسماً.
هجمات جديدة في القدس: اعتداءات على رعاة وملاحقة ماشية
تجددت سلسلة الاعتداءات مساء الاثنين، حيث هاجم مستوطنون رعاة أغنام في التجمعين البدويين "أبو غالية" و"العراعرة" قرب منطقة الكسارات المحاذية لبلدة عناتا شرق القدس.
وذكرت محافظة القدس أن المهاجمين اعتدوا على الرعاة بالحجارة واستهدفوا ماشيتهم قبل أن يجبرونهم على مغادرة المراعي دون تسجيل إصابات مباشرة.
هذه الواقعة جاءت لتضاف إلى سلسلة طويلة من الهجمات التي تصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة في الضفة الغربية، وتحديداً في محيط القدس ونابلس والخليل، ما دفع منظمات حقوقية وأممية لإطلاق تحذيرات متتالية من تفاقم الوضع.
الرئيس الإسرائيلي يدخل على الخط: هجوم مروع وخطير
الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج عبّر قبل أيام عن موقف صريح، عندما أدان ما وصفه بـ"الهجوم المروع والخطير" الذي نفذه مستوطنون ضد فلسطينيين في الضفة الغربية.
ودعا إلى وضع حد لموجة الاعتداءات التي تتزايد بشكل لافت، في خطوة اعتبرها مراقبون تحركاً نادراً من رئيس الدولة تجاه سلوك المستوطنين.
موقف هرتسوج عكس القلق الرسمي المتصاعد من أن تتحول هذه الاعتداءات إلى أزمة داخلية تهدد صورة إسرائيل وتضعها في مواجهة ضغوط دولية متزايدة، خصوصاً مع التوثيق الواسع لهذه الهجمات من منظمات أممية.
تحذيرات أممية: 264 هجوماً في شهر واحد
تقارير الأمم المتحدة أظهرت حجم التصعيد الخطير، إذ كشفت المنظمة أن المستوطنين نفذوا ما لا يقل عن 264 هجوماً في الضفة الغربية خلال أكتوبر الماضي، وهو أعلى معدل شهري منذ بدء رصد هذه الاعتداءات عام 2006.
وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن هذه الهجمات أسفرت عن قتلى وإصابات وأضرار جسيمة في الممتلكات، بمعدل بلغ نحو ثماني وقائع يومياً.
هذه الأرقام وضعت الحكومة الإسرائيلية تحت ضغط دولي متزايد، خصوصاً مع تنامي الانتقادات الأوروبية والأمريكية لهذه الاعتداءات واعتبارها تهديداً للأمن والاستقرار في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الضفة الغربية محور الصراع ومستقبل الدولة الفلسطينية
تمثل الضفة الغربية، التي تضم نحو 2.7 مليون فلسطيني وما يزيد على نصف مليون مستوطن، بؤرة أساسية في الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية.
وتشير الوقائع الميدانية إلى أن التوسع الاستيطاني المتواصل أدى إلى تقسيم الأراضي وإضعاف فرص تطبيق أي رؤية سياسية لحل الدولتين.
المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمم المتحدة، يؤكد أن المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي.
ورغم ذلك، واصلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة توسيعها بوتيرة متسارعة، ما دفع كثيرين إلى التحذير من أن استمرار التمدد الاستيطاني يقوّض أي إمكانية مستقبلية لتسوية سياسية شاملة.



