واشنطن تميل لتجاوز مرحلة نزع السلاح في غزة وسط خلافات مع تل أبيب وتصويت أممي حاسم
تواجه التطورات المرتبطة بمستقبل غزة منعطفاً جديداً بعد كشف مصدر إسرائيلي مطلع عن توجه أميركي لإعادة النظر في خطة نزع السلاح داخل القطاع.
يأتي هذا التحول قبل ساعات من تصويت مرتقب في مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار أميركي يدعم خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تجدد القتال إذا فشل المجلس في اعتماد النص، وسط فجوة متنامية بين واشنطن وتل أبيب حول بنود الحل السياسي وإعادة الإعمار.
تقديرات إسرائيلية تكشف تحولاً في الموقف الأميركي
تحدث مصدر إسرائيلي مطلع عن وجود مشكلة تواجه الولايات المتحدة في تشكيل قوة دولية مستعدة للدخول إلى غزة بهدف نزع السلاح.
وأكد أن واشنطن غير مستعدة للمشاركة بقوات برية في أي ترتيبات أمنية داخل القطاع، وفق ما ذكرته شبكة CNN.
أوضح المصدر أن الإدارة الأميركية تدرس الانتقال مباشرة إلى مرحلة إعادة الإعمار، متجاوزة مرحلة نزع السلاح التي كانت تعد من أبرز عناصر المقترح الأمني المطروح منذ أشهر.
يعكس هذا التوجه تحولاً ملحوظاً في أولويات واشنطن، خصوصاً مع غياب دول مستعدة لتحمل أعباء الانتشار العسكري داخل غزة في المرحلة المقبلة.
اقتراب تصويت أممي حاسم على مشروع القرار الأميركي
يأتي هذا التطور قبل ساعات من التصويت على مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن، والذي يدعم خطة ترامب للسلام في غزة.
يرتكز المشروع على نشر قوة دولية داخل القطاع، وتأسيس آليات حكم انتقالية وصولاً إلى ترتيبات أمنية طويلة المدى.
يشير مسؤولون أميركيون إلى أن فشل اعتماد النص الأممي قد يؤدي مباشرة إلى تجدد القتال، نظراً لغياب أي إطار بديل يمكن أن يفرض وقف إطلاق النار أو يدفع نحو استئناف العملية السياسية.
وتؤكد واشنطن أن الوقت الحالي يشهد لحظة فارقة تتطلب توافقاً دولياً سريعاً لتفادي انفجار جديد في غزة.
صياغة القرار وتعديلات متعددة داخل مجلس الأمن
شهد النص الأميركي مراجعات موسعة خلال مفاوضات داخل المجلس، وفق ما نقلته وكالة فرانس برس، قبل أن يستقر على صيغته الأخيرة.
دعمت المسودة الجديدة الخطة التي سمحت بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في العاشر من أكتوبر، وأعادت التأكيد على ضرورة تثبيت الهدنة والدفع نحو تسوية طويلة الأمد.
أتاحت النسخة الأخيرة إنشاء قوة استقرار دولية تعمل بالتنسيق مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدرّبة حديثاً، بهدف تأمين المناطق الحدودية وتطبيق عملية نزع السلاح داخل غزة.
يتضمن الدور الأساسي لهذه القوة العمل على "النزع الدائم للأسلحة من المجموعات المسلحة غير الرسمية"، إضافة إلى حماية المدنيين وإقامة ممرات إنسانية لتسهيل انتقال المساعدات.
خطة متعددة الأبعاد تشمل الأمن والحكم والإعمار
وفرت المسودة الأميركية مساحة جديدة لإطلاق مجلس السلام الذي سيُعَدّ هيئة الحكم الانتقالية في غزة، ويرأسه نظرياً الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على أن تستمر ولايته حتى نهاية عام 2027.
تسعى الخطة إلى إعادة هيكلة مؤسسات القطاع خلال المرحلة الانتقالية، ضمن رؤية تربط الأمن بالإعمار وبناء مؤسسات الحكم المحلي.
تضمن القرار لأول مرة منذ بداية النقاشات إشارة واضحة إلى إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلية.
نص القرار على أن تنفيذ السلطة الفلسطينية للإصلاحات المطلوبة والبدء بمرحلة إعادة الإعمار قد يخلق "ظروفاً مهيأة لمسار موثوق لتقرير الفلسطينيين مصيرهم وإقامة دولتهم".
تمثل هذه الإضافة بنداً حساساً في العلاقة مع إسرائيل التي تتحفظ على أي صياغة تتضمن اعترافاً صريحاً بمسار يؤدي إلى الدولة الفلسطينية.
اعتراضات إسرائيلية على بنود غير مواتية
كشفت مصادر سياسية إسرائيلية أن المقترح الأميركي الجديد يتضمن بنوداً اعتبرتها تل أبيب "غير مواتية"، خصوصاً تلك التي تتعلق بالحديث عن مسار الدولة الفلسطينية.
كما يشمل القرار بنداً يمنع إسرائيل من حق الاعتراض على الدول التي سترسل قوات لحفظ السلام في غزة، وهو ما ترى فيه تل أبيب مساساً مباشراً بسيادتها وحقها في ضبط الترتيبات الأمنية.
أشار تقرير يديعوت أحرونوت إلى أن هذه النقاط أثارت نقاشات واسعة داخل الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل.
نقلت الصحيفة عن مسؤول أمني قوله: "لن ننسحب من غزة قبل أن نتأكد أن لا بندقية واحدة يمكن أن تُوجَّه مجدداً نحو إسرائيل".
يعكس هذا التصريح تمسك إسرائيل بشرط نزع السلاح الكامل قبل أي انسحاب أو تغيير في الموقف العسكري داخل غزة.
خلافات متصاعدة بين واشنطن وتل أبيب
تتزايد مؤشرات الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول تفاصيل المرحلة المقبلة في غزة.
يظهر التباين بوضوح في تقييم الطرفين لأولويات الحل، حيث تميل الولايات المتحدة إلى تسريع المسار السياسي وتخفيف التركيز على الشروط الأمنية الصارمة.
في المقابل، ترفض إسرائيل أي خطوة تعتبرها تهديداً مباشراً لأمنها أو تسهّل إعادة بناء القدرات العسكرية لحركة حماس.
تبدو المرحلة المقبلة مرشحة لمزيد من التعقيد مع اقتراب تصويت مجلس الأمن، خصوصاً أن أي قرار جديد سيعيد تشكيل المشهد الأمني والسياسي في غزة.
كما سيضع الأطراف أمام اختبارات صعبة تتعلق بمدى القدرة على تنفيذ التعهدات وإدارة المرحلة الانتقالية دون انزلاق جديد نحو المواجهة.

