رسوم الساحل الشمالي.. 277 مليون دولار للدولة وإعادة رسم خارطة الاستثمار العقاري
في خطوة تعكس حجم التحول الجاري على شريط الساحل الشمالي، تواصل الدولة المصرية إحكام منظومة تقنين أوضاع المشروعات العقارية وإعادة تنظيمها بما يضمن حماية الثروات الساحلية وتعظيم عائدات الدولة.
ومع توسّع عمليات المراجعة المالية والقانونية للشركات العاملة في المنطقة، نجحت الجهات الحكومية في جمع مئات الملايين من الدولارات خلال أشهر قليلة، في مؤشر واضح على جدية الدولة في ضبط السوق وإعادة هيكلته وفق قواعد موحّدة وشفافة.
كشفت مصادر حكومية، أن إجمالي ما تم تحصيله من الشركات العقارية العاملة في الساحل الشمالي الغربي بلغ نحو 13 مليار جنيه، بما يعادل 277 مليون دولار، حتى نهاية أكتوبر الجاري، وذلك ضمن خطة شاملة لتقنين الأوضاع وتحريك عجلة التطوير بالساحل بعد سنوات من عدم الانضباط.
وتضمنت الحصيلة المالية دفعات مقدَّمة من 12 شركة تطور مشروعات بنظام الشراكة، وبلغت هذه الدفعات ما يقرب من 4 مليارات جنيه، وهو ما يمثل نسبة تتراوح بين 5% و20% من إجمالي المستحقات المتفق عليها مع الدولة.
الشركات الملتزمة بالسداد
شملت قائمة الشركات التي التزمت بالسداد كلًا من:
ماونتن فيو، بالم هيلز، الشرق الأوسط، إم سكويرد، مدار، وأركو.
فيما تواصل شركات أخرى — تلتزم بسداد رسومها بالدولار — التفاوض مع الدولة للحصول على آلية سداد بالعملة المحلية، ومن بينها:
سوديك، إعمار، سكاي أبوظبي.
رسوم موحّدة ونظام جديد للمستثمرين الأجانب والمحليين
وضعت الحكومة المصرية منظومة رسوم جديدة تعتمد على طبيعة المستثمر؛ إذ تم تحديد 20 دولارًا للمتر في المشروعات المملوكة لمستثمرين أجانب، بينما تم توحيد الرسوم على المشروعات المحلية عند 1000 جنيه للمتر على الأراضي السياحية.
كما تُلزم الشركات بسداد 20% دفعة مقدَّمة مع تقسيط باقي المبالغ على خمس سنوات وفق أسعار فائدة البنك المركزي.
دفعات جديدة من أراضي مطروح
بالتوازي، حصلت هيئة المجتمعات العمرانية على 9 مليارات جنيه أخرى من 17 شركة وكيان مقابل دفعات تخصيص أراضٍ تابعة لمحافظة مطروح، وذلك وفق جدول سداد معتمد من لجنة الحصر والتفاوض التي تضم ممثلين عن مختلف أجهزة الدولة.
وتأتي هذه الخطوات بعد أن تلقت وزارة الإسكان أكثر من 564 طلبًا من الشركات والكيانات الراغبة في تقنين أوضاعها، تمت الموافقة على 181 حالة منها حتى الآن، فيما تستمر مراجعة باقي الملفات القانونية والمالية.
مراجعة شاملة ومنع أي إجراءات جديدة لحين الانتهاء
وفقًا للقرارات التنظيمية الصادرة، تلتزم الهيئة بوقف إصدار أي قرارات وزارية أو تحصيل أقساط جديدة — باستثناء الدفعات المقدَّمة — حتى تنتهي من مراجعة العقود بالكامل والتأكد من سلامة الموقف القانوني للشركات.
وتستند العملية الحالية إلى القرار الجمهوري رقم 361 لسنة 2020، الذي أعاد تخصيص ما يقرب من 707 آلاف فدان من أراضي الساحل الشمالي لهيئة المجتمعات العمرانية بهدف تطوير مجتمع عمراني وسياحي متكامل، بما يحقق الاستخدام الأمثل للأراضي ويمنع التعديات والتشوهات العمرانية.
تحول جذري في إدارة الساحل الشمالي
وبحسب مطلعين على الملف، فإن الحصيلة المالية الأخيرة ليست مجرد إيرادات، بل تمثل مؤشرًا على بداية مرحلة جديدة تستهدف إعادة إحياء المنطقة وفق رؤية تخطيطية موحّدة، وضبط آليات التسعير والبيع، وحماية حقوق المستهلكين، وتحفيز الاستثمارات الأجنبية عبر بيئة أكثر استقرارًا وشفافية.