رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

اقتصادي سوري لـ«تفصيلة»: التحالف ضد داعش اختبار نوايا بين واشنطن ودمشق لا تحالف حقيقي والشرع يخوض مغامرة سياسية محفوفة بالمخاطر

زيارة الشرع للبيت
زيارة الشرع للبيت الأبيض

التحالف السوري ضد تنظيم داعش يثير جدلاً واسعاً بين المراقبين، في ظل تساؤلات حول أهدافه الحقيقية وتوقيته السياسي الدقيق.

خبير الاقتصاد السوري يونس الكريم من باريس يقدم قراءة شاملة للمشهد، مؤكداً في حوار خاص مع موقع تفصيلة أن ما يحدث ليس تحالفاً استراتيجياً بقدر ما هو اختبار نوايا بين دمشق وواشنطن، يفتح الباب أمام مرحلة سياسية جديدة محفوفة بالشكوك والمخاطر.

التحالف خطوة رمزية لا استراتيجية

أكد يونس الكريم أنّ انضمام سوريا للتحالف ضد داعش لا يمكن اعتباره خطوة استراتيجية أو سياسية رمزية بالمعنى المفهوم دولياً، لأن هذه المصطلحات كما قال تناسب القوى الخارجية أكثر من الداخل السوري.
وأوضح أن الولايات المتحدة ترى في هذه الخطوة فائدة استراتيجية، إذ تتيح لها التعاون مع شخصيات سورية تمتلك فهماً دقيقاً لآلية تفكير التنظيم، ما يسهل عمليات المكافحة مقارنة بأطراف تجهل طريقة عمل داعش.

الحكومة السورية تبحث عن شرعية سياسية

اعتبر الكريم أنّ الحكومة السورية تنظر إلى هذا الانضمام كرمز سياسي لاستقرار حكمها واستمرارها في السلطة، لكنه في الوقت نفسه قرار بالغ الخطورة على الداخل السوري، لأنه يجرم العديد من القوى الدينية المتطرفة التي تشكل اليوم جزءاً من العقيدة العسكرية للجيش السوري.
وأشار إلى أن حجم المقاتلين الأجانب في صفوف الجيش السوري كبير، إذ تضم فرقة كاملة من الأجانب تعرف بالفرقة 84، إضافة إلى جزء من الفرقة 82، فيما باتت التيارات الإسلامية تمثل الركيزة الفكرية للعقيدة القتالية المعروفة باسم «العقيدة الأموية» أو «العقيدة الإسلامية للجيش».

إعادة تشكيل العقيدة العسكرية

كشف الكريم أن التحالف الجديد يعيد تشكيل العقيدة العسكرية السورية من الداخل، لتحديد الخط الفاصل بين التيارات الإسلامية المقبولة وتلك المتشددة.
وأضاف أن النظام يسعى للضغط على القوى التي كانت حتى وقت قريب ترفض أي تعاون مع التحالف الدولي وتكفّره، في محاولة لإعادة هندسة البنية الفكرية للجيش السوري بما يتناسب مع متغيرات المرحلة.

خطر الحرب السنية – السنية

وحذر الخبير الاقتصادي من أن الخطابات المتبادلة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكومة السورية، والتي تتهم كل طرف بالإرهاب، تنذر بحرب سنية – سنية مفتوحة، بغض النظر عن الخلفيات العرقية أو القومية، سواء كانت كردية أو عربية.
وأوضح أن المشهد بات أكثر تعقيداً، لأن كل طرف يسعى لتثبيت نفوذه الديني والسياسي داخل الجغرافيا السورية المنهكة بالحروب والانقسامات.

هاجس الإقصاء وشرعنة الصراع

لفت الكريم إلى أن الخطر الحقيقي يتمثل في احتمال إقصاء المعارضين المحليين للحكومة الحالية تحت ذريعة انتمائهم لداعش، حتى وإن لم تكن لهم أي صلة بالتطرف الديني أو العقيدة الإسلامية السائدة منذ اندلاع الثورة السورية.

وأشار إلى أن ما حدث مع ضمير مثال واضح على ذلك، حيث جرى استخدام ذريعة مكافحة الإرهاب لتبرير استهداف معارضين لا علاقة لهم بالتنظيم، مما قد يؤدي  بحسب رأيه إلى انفجار جديد في الداخل السوري وشرعنة حرب مفتوحة لا تنتهي.

تحالف هش ومؤقت

وفي رده على سؤال حول مدى واقعية هذا التحالف، قال الكريم إنّ الأمريكيين لا يمكنهم إقامة تحالف حقيقي مع التيارات الإسلامية، رغم وجود سوابق تاريخية مثل تعاونهم مع طالبان أو بعض القوى الشيعية في العراق.
وأضاف أن التحالف الحالي هش ومؤقت، قائم على مصالح آنية أكثر من كونه تفاهمات استراتيجية.
وتابع قائلاً إنّ الحكومة السورية تدرك أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس حليفاً يمكن الوثوق به، خصوصاً وأنه في نهاية ولايته، بينما يتغير موقف خلفائه تبعاً لمزاج الناخب الأمريكي وبرامجه الانتخابية.

ضغوط عربية واختبار للنوايا

أوضح الكريم أن التحالف الجديد جاء نتيجة ضغوط عربية تهدف لإنهاء ملف التطرف الإسلامي بعيداً عن حدودها، إضافة إلى كونه اختباراً لنوايا الحكومة السورية في مواجهة التطرف الديني.
كما أنه بحسب تعبيره اختبار لقدرة واشنطن على إنقاذ النظام السوري من أزمته الاقتصادية، لذلك وصفه بأنه «تحالف اختبار النوايا» لا تحالفاً عسكرياً أو سياسياً فعلياً.

تنازلات متبادلة ومخاطرة سياسية

أكد الخبير السوري أن كلا الطرفين مضطر لتقديم تنازلات متبادلة. ترامب من جهته قدم تنازلاً كبيراً باستقباله الرئيس أحمد الشرع في البيت الأبيض، فيما خاض الشرع مخاطرة أمنية كبيرة بزيارته أمريكا في هذا التوقيت الحرج.

وأشار إلى أن النتائج الملموسة لهذا اللقاء ستتضح على الأرض من خلال مدى تأثيره على ملف مكافحة التطرف والعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.

ستة أشهر حاسمة لمستقبل العلاقة

بين الكريم أن الأشهر الستة القادمة ستكون فترة تقييم حاسمة لنتائج هذا اللقاء، حيث ستُقاس خلالها قدرة الرئيس الشرع على تهدئة الشارع السوري الذي ينتظر تخفيف العقوبات الاقتصادية وعودة الاستقرار.
وأضاف أن هذه الفترة ستحدد ما إذا كان اللقاء مقدمة لتفاهم طويل المدى بين واشنطن ودمشق، أم مجرّد هدنة سياسية مؤقتة سرعان ما تنتهي بانسحاب كلا الطرفين من المشهد.

احتمالات المستقبل بين التفاهم والانسحاب

اختتم يونس الكريم حديثه مؤكداً أن العام المقبل سيحمل الإجابة الحاسمة حول مصير هذا التقارب.
فإما أن يتحول اللقاء إلى بداية تفاهم حقيقي بين الإدارة الأمريكية والحكومة السورية يقوده حشد سني ودعم دولي أوسع، أو أن يشهد انسحاباً متبادلاً، حيث يعود الشرع إلى المعسكر الروسي–الصيني–التركي، بينما تتجه واشنطن والتحالف الدولي إلى دعم قوات قسد وإدارة المنطقة استخبارياً بعيداً عن دمشق.
وختم قائلاً: «ما يجري اليوم ليس نهاية المعركة، بل بداية اختبار طويل لتحديد مَن سيبقى ممسكاً بخيوط اللعبة في سوريا».

تم نسخ الرابط