رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

باحث بمنتدى الشرق الأوسط لـ «تفصيلة»: الشرع بوابة واشنطن لمشروع من البحر إلى النهر

أحمد عطا باحث بمنتدى
أحمد عطا باحث بمنتدى الشرق الأوسط بلندن

شهد البيت الأبيض زيارة غير مسبوقة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن، في لقاء وُصف بأنه نقطة تحول في العلاقات السورية الأمريكية بعد عقود من القطيعة. 

دخول الشرع من مبنى إيزنهاور الإداري ولقاؤه المغلق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثارا موجة تساؤلات حول ما إذا كانت الزيارة بداية تقارب تاريخي أم مناورة دبلوماسية أمريكية لصناعة “سوريا جديدة” على المقاس السياسي لواشنطن.

زيارة تحمل نكهة المصالح لا العواطف

قال أحمد عطا، الباحث بمنتدى الشرق الأوسط في لندن، في تصريحات خاصة لموقع «تفصيلة»، إن اجتماع الرئيس السوري أحمد الشرع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمكن تصنيفه كتقارب سياسي جديد "بنكهة المصالح المتبادلة"، مشدداً على أن الولايات المتحدة تلعب اليوم دوراً تاريخياً فاصلاً في مستقبل الدولة السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وأوضح عطا أن واشنطن تسعى لتأمين مصالح إسرائيل عبر مشروع جغرافي يمتد من البحر إلى النهر، يرتكز على إعادة هندسة الخريطة الإقليمية، بحيث يتم فصل مناطق جغرافية محددة تشمل الكُرد في شمال شرق العراق ومحافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.

وأضاف أن هذا المشروع يترافق مع خطة تصفية لأكثر من 200 تنظيم مسلح ما زالوا منتشرين في أرياف إدلب وحمص وحماة، مع دخول تركيا كطرف مشارك في هذه التسوية الكبرى.

وأشار الباحث السياسي، إلى أن واشنطن وجدت في أحمد الشرع "الوكيل المثالي" لتنفيذ رؤيتها في سوريا الجديدة، قائلاً: "الرسالة السياسية من الزيارة واضحة، الشرع صناعة أمريكية خالصة، نزعوا عنه عباءة التطرف وطالبوا العالم بتمهيد الطريق أمامه".

دخول الشرع إلى البيت الأبيض.. تفاصيل تخفي رسائل حساسة

وحول دلالة دخول الشرع إلى البيت الأبيض من مبنى إيزنهاور الإداري بدلاً من المدخل التقليدي، اعتبر عطا أن هذا التفصيل لم يكن صدفة، بل رسالة خفية تعبّر عن حساسية اللقاء.

وقال الباحث: "بين لحظة دخول الشرع وخروجه، صُنِع رئيس جديد حصل على صك القبول من أمريكا والعالم، لقد دخل وهو يحمل تهم تنظيمه السابقة، وخرج وهو محاط بالضمانة والرعاية الأمريكية الكاملة."

وأكد عطا أن الصورة التي جمعت ترامب بالشرع داخل المكتب البيضاوي ليست مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل إعلان رسمي عن بداية عهد جديد تُدار فيه سوريا من داخل المطبخ الأمريكي، تحت رقابة مباشرة من مستشاري الرئيس الأمريكي.

رفع العقوبات “قُبلة الحياة” لسوريا الجديدة

واعتبر عطا أن قرار واشنطن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا يمثّل نقطة تحول اقتصادية غير مسبوقة، تتجاوز في دلالاتها مجرد خطوة سياسية رمزية.
وقال: “أمريكا منحت سوريا قُبلة الحياة برفع العقوبات، وهو قرار يعكس رغبتها في صناعة سوريا جديدة بمواصفات أمريكية – إسرائيلية، تضمن مصالحها ومصالح تل أبيب على حد سواء”.

وأضاف أن أي دولة تتحرك اليوم لدعم حكومة الشرع إنما تنفذ ضمنياً تعليمات أمريكية واضحة تهدف إلى إعادة تأهيل النظام الجديد ليصبح شريكاً موثوقاً في المنطقة، مع فتح الأبواب أمام الاستثمار الغربي وإعادة الإعمار وفق شروط واشنطن.

تجميد قانون قيصر فتح أبواب الاستثمار بمباركة أمريكية

تجميد جزء من قانون قيصر الذي فُرض سابقاً على النظام السوري اعتبره عطا بمثابة الضوء الأخضر للشركات الغربية للدخول إلى السوق السورية.
وقال: “لقد تمت مخاطبة كبرى الشركات العالمية للتحرك نحو سوريا قبل حتى صدور قرار رفع العقوبات، لأن واشنطن أعدّت البيئة السياسية والاقتصادية مسبقاً لعودة النشاط الدولي”.

وأوضح الباحث أن الشرع يتلقى التعليمات مباشرة من مستشاري ترامب، مضيفاً: “لنكن صريحين، سوريا الجديدة مقسّمة فعلياً وفق اتفاقات غير معلنة، والدروز اليوم أصبحوا جزءاً محورياً في المعادلة السياسية داخل البلاد، فهم الواجهة الإسرائيلية في سوريا الجديدة”.

التحالف الدولي ضد داعش.. واجهة لدور جديد

انضمام سوريا رسمياً إلى التحالف الدولي ضد داعش وصفه عطا بأنه "دور بالوكالة"، يهدف إلى إظهار الشرع كحليف للغرب في الحرب على الإرهاب.
وقال الباحث: "الشرع مُنح تفويضاً لتنفيذ الحرب بالوكالة، في وقت تُستخدم فيه هذه الحرب لإشغال العالم عن ما يحدث في الكواليس. 

كما اضاف، أن سوريا الجديدة أصبحت في حوزة الشركات العالمية، بينما القاعدتان الروسيتان في البلاد بقيتا دون مساس.

وصف اللقاء بـ”لقاء جنديين سابقين”.. دبلوماسية بملامح استخباراتية

وتعليقاً على وصف النائب الأمريكي الجمهوري براين ماست للقاء بأنه "لقاء بين جنديين سابقين كانا أعداء"، اعتبر عطا أن هذا التعبير "كلاسيكي ومدروس بعناية"، صيغ لتمرير رسائل سياسية إلى المجتمع الدولي بأقل التكاليف.
وأضاف: “الأمريكيون أرادوا أن يقدّموا للعالم نموذجاً سورياً جديداً مختلفاً عن النموذج العلوي السابق، نموذجاً يحمل بصمة ترامب وغطاء المخابرات الأمريكية ووكلائها في المنطقة”.

العلاقات السورية – الأمريكية من التفاهم الحذر إلى التحالف المعلن

وختم عطا الحوار بالتأكيد على أن العلاقة بين واشنطن ودمشق تجاوزت مرحلة التفاهم الحذر، قائلاً: "نحن أمام تحالف كامل الأركان، وليس هناك مفاجآت في الأفق، موضحا أن الشرع أول رئيس عربي صناعة أمريكية مئة في المئة، لا يحتاج إلى توجيه، لأن كل خطواته محسوبة بدقة ضمن خطة أمريكية طويلة الأجل."

وتوقّع الباحث السياسي بمنتدى الشرق الأوسط أن تشهد المنطقة قريباً ظهور “نُسخ جديدة” من التجربة السورية في دول عربية أخرى، مضيفاً: “ننتظر شرعاً جديداً في السودان واليمن بمواصفات أمريكية متكاملة”.

تم نسخ الرابط