بين السرعة والابتكار.. النقل الذكي في مصر ومستقبل البنية التحتية الحديثة
تسير مصر بخطى ثابتة نحو بناء منظومة نقل ذكية ومستدامة، تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في الإدارة والتشغيل، وتتكامل فيها وسائل المواصلات المختلفة لخدمة المواطنين بكفاءة وأمان.
وتأتي هذه الرؤية ضمن استراتيجية الدولة للتحول الرقمي ورؤية مصر 2030، التي تستهدف جعل النقل أحد القطاعات الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وخفض الانبعاثات الكربونية، وتحسين جودة الحياة في المدن الكبرى.
وتقوم فكرة النقل الذكي على استخدام أنظمة التحكم والمراقبة الذكية، وتطبيقات الاتصالات والمعلومات، لإدارة حركة المرور وتسيير المركبات والقطارات، بما يضمن كفاءة التشغيل وسلامة الركاب وتقليل وقت الرحلات واستهلاك الوقود.
مشروعات النقل الذكي في مصر
تضم مصر مجموعة من أبرز مشروعات النقل الذكي في الشرق الأوسط، التي تعكس حجم التطور التكنولوجي الذي وصلت إليه الدولة في هذا المجال.

مونوريل العاصمة
ويأتي في مقدمتها مشروع مونوريل العاصمة الإدارية الجديدة، الذي بدأ تشغيله التجريبي في نوفمبر 2025، ويعد المونوريل أول قطار كهربائي أحادي يعمل بأنظمة تحكم آلية بالكامل دون سائق، ويمتد بطول 56.5 كيلومترًا من مدينة نصر حتى العاصمة الإدارية، مرورًا بمحطات رئيسية مثل المشير طنطاوي والجامعة الأمريكية وحي المال والأعمال.
ويمثل المشروع ثورة في النقل العام، حيث يساهم في تقليل الزحام في شرق القاهرة ويربط بين الخط الثالث للمترو والقطار الكهربائي الخفيف LRT في شبكة نقل موحدة وسريعة وصديقة للبيئة.

القطار الكهربائي السريع
كما شهد قطاع النقل تطورًا آخر مع إطلاق أول نموذج من القطار الكهربائي السريع "فيلارو"، الذي استعرضته الهيئة القومية للأنفاق خلال فعاليات معرض النقل الذكي، ومكون من 8 عربات بطول 200 متر، ويستوعب 479 راكبًا، ويضم مقاعد مريحة، وشاشات عرض، ومخارج كهرباء وUSB، وخدمات إنترنت وكاميرات مراقبة مركزية، بالإضافة إلى تجهيزات كاملة لذوي الهمم، بما يعكس نقلة نوعية في تجربة السفر بالقطارات داخل مصر.

القطار الكهربائي الخفيف LRT
ويعد القطار الكهربائي الخفيف "LRT" أحد أهم عناصر منظومة النقل الذكي في مصر، حيث يجمع بين التكنولوجيا الحديثة والاستدامة البيئية لتقديم تجربة نقل آمنة وسريعة، ويعمل القطار بأنظمة تحكم وإشارات إلكترونية متطورة تدار من مركز تحكم ذكي يراقب الحركة لحظة بلحظة، كما يعتمد على نظام تذاكر إلكتروني وبوابات ذكية تسهل عملية الدفع والتنقل.
وإلى جانب كونه صديقًا للبيئة بفضل تشغيله بالكهرباء بدلًا من الوقود، يتكامل القطار الكهربائي الخفيف مع باقي وسائل النقل الحديثة مثل المترو والمونوريل والقطار السريع، ليشكل جزءًا محوريًا من رؤية الدولة نحو منظومة نقل ذكية ومستدامة تربط المدن الجديدة بالمناطق الحيوية في القاهرة الكبرى.
تنمية مستدامة
ويمثل التحول نحو النقل الذكي أحد أهم محاور التنمية في الجمهورية الجديدة، نظرًا لدوره الحيوي في خفض الانبعاثات الملوثة وتحسين كفاءة الطاقة، كما يساهم في تقليل التكدسات المرورية داخل المدن، ويعزز الربط بين المناطق الصناعية والموانئ والمناطق اللوجستية، مما يرفع القدرة التنافسية للاقتصاد المصري.
إلى جانب ذلك، فإن تطوير أنظمة النقل الذكي يفتح الباب أمام الاستثمار في الصناعات التكنولوجية المحلية، ويسهم في نقل الخبرات العالمية إلى السوق المصري، ودعم توطين صناعة النقل الحديثة.
مستقبل النقل الذكي
وتوجت هذه الجهود بانطلاق فعاليات الدورة السادسة من معرض ومؤتمر النقل الذكي واللوجستيات والصناعة "TransMEA 2025"، الذي يقام برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الفترة من 9 إلى 11 نوفمبر بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية.
ويقام المعرض هذا العام تحت شعار "الصناعة والنقل معًا لتحقيق التنمية المستدامة"، بمشاركة أكثر من 500 شركة عالمية ومحلية من 30 دولة، لاستعراض أحدث حلول النقل الذكي، وأنظمة الإشارات والتحكم، والتوجه نحو التصنيع المحلي لمكونات النقل.
ويعكس المعرض حجم الطفرة التي تشهدها مصر في مجال النقل الحديث، باعتباره حلقة الوصل بين الصناعة والتكنولوجيا، ودليلًا على أن الدولة تسير بخطة واضحة نحو بناء منظومة نقل ذكية ومستدامة تواكب التطورات العالمية وتخدم أهداف التنمية الشاملة.







