الأسباب كاملة.. لماذا اتجه البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة في نهاية 2025
أعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري يوم 25 ديسمبر 2025 عن قرارها التاريخي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، في لحظة اقتصادية فارقة اتسمت بدقة الحسابات واستشراف آفاق المستقبل.
واستقر معدلات الإيداع والإقراض عند 20.00% و21.00% على التوالي، في خطوة لم تكن مجرد استجابة لمطالب السوق، بل كانت قراءة عميقة في دفتر "النجاحات النقدية" التي تحققت على مدار العام، حيث تضافرت جملة من الأسباب الجوهرية التي جعلت من هذا الخفض ضرورة حتمية لضمان انتقال الاقتصاد من مرحلة "الانكماش الدفاعي" إلى مرحلة "النمو الهجومي".
أسباب خفض أسعار الفائدة
يأتي الدافع الأبرز خلف هذا القرار في النجاح المشهود بكبح جماح التضخم الذي عاود مساره النزولي بحدة ليسجل 12.3% في نوفمبر 2025، وهو تراجع لافت يقوده هبوط تاريخي في أسعار السلع الغذائية التي لم تتجاوز نسبة نموها 0.7%، مما منح صانع القرار النقدي "الضوء الأخضر" للتحرك نحو التيسير، إذ إن استقرار التوقعات التضخمية وتلاشي آثار الصدمات السعرية السابقة جعل الحفاظ على مستويات فائدة شديدة الارتفاع أمراً قد يعيق النمو دون مبرر، خاصة وأن الفائدة الحقيقية لا تزال عند مستويات جاذبة للاستثمار حتى بعد هذا الخفض.
التناغم مع المشهد العالمي وتراجع كلفة الطاقة
ولم يكن البنك المركزي بمعزل عن التحولات الدولية، حيث كان للتراجع الملحوظ في أسعار النفط العالمية، وتجاوز المعروض لمستويات الطلب، أثراً مباشراً في تخفيف الضغوط التضخمية المستوردة، وهو ما توازى مع نهج "التيسير الحذر" الذي اتبعته البنوك المركزية الكبرى في العالم.
خفض الفائدة دون مخاطرة
وهذا الأمر أتاح لمصر فرصة ذهبية لخفض تكلفة الاقتراض المحلي دون المخاطرة بهروب رؤوس الأموال، بل على العكس، فإن هذا التحرك يعزز من جاذبية السوق المصري كبيئة استثمارية مستقرة تبحث عن النمو الحقيقي في قطاعات الإنتاج والخدمات بدلاً من الاعتماد الكلي على أدوات الدين.
دعم قاطرة النمو الحقيقي وترسيخ ثقة المستثمر
لقد رأت لجنة السياسة النقدية أن معدل النمو المحقق في الربع الرابع من 2025، والبالغ 5.0%، يحتاج إلى "وقود تمويلي" أقل تكلفة للحفاظ على زخمه، خاصة في قطاعات الصناعات التحويلية والاتصالات التي قادت المشهد.
وجاء خفض الفائدة ليعيد توجيه السيولة نحو "الأصول الإنتاجية"، فمن خلال تقليل أعباء الدين عن كاهل الشركات والحكومة – التي ستوفر ما يقرب من 80 مليار جنيه من فاتورة خدمة الدين – تفتح الدولة الباب أمام توسعات صناعية وعقارية كبرى.
وهذا يرسخ اليقين بأن مستهدف التضخم البالغ 7% في أواخر 2026 بات قاب قوسين أو أدنى، وأن السياسة النقدية أصبحت الآن تعمل كظهير قوي لتحفيز التشغيل وفتح آفاق جديدة لرواد الأعمال والشركات الناشئة في ظل بيئة اقتصادية أكثر مرونة وتفاؤلاً.

