رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

الدولة في حضرة التصوف.. رسائل تتجاوز مولد الجعفريين

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

في أجواء روحانية مفعمة بالذكر والمحبة، شهد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، احتفال الليلة الختامية لمولد الإمامين الجليلين الشيخ صالح الجعفري ونجله الشيخ عبد الغني صالح الجعفري، أحد أبرز أعلام التصوف والعلم بالأزهر الشريف، وذلك في مناسبة دينية كبرى أعادت التأكيد على مكانة الطرق الصوفية المعتدلة في المشهد الديني المصري، ودورها التاريخي في نشر القيم الروحية وبناء الوعي الإيماني الرشيد.

الاحتفال، الذي نظمته الطريقة الجعفرية، لم يكن مجرد مناسبة تقليدية، بل تحول إلى ملتقى روحي وفكري جامع، استقطب آلاف المريدين ومحبي آل البيت من مختلف محافظات الجمهورية، إلى جانب مشاركات من دول عربية وإسلامية، في مشهد يعكس الامتداد الواسع للتأثير الروحي والعلمي للمدرسة الجعفرية.

حضور رسمي وعلمي رفيع المستوى

شهد الاحتفال حضور نخبة من كبار العلماء والقيادات الدينية، على رأسهم الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، والدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، نائبًا عن الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بما يعكس الرعاية الأزهرية الرسمية لهذا الحدث الروحي والعلمي.

كما شارك الشيخ عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، والدكتور محمد مهنا، رائد البيت المحمدي، إلى جانب الشيخ محمد صالح الجعفري، شيخ الطريقة الجعفرية، والشيخ حسين صالح الجعفري، فضلًا عن كوكبة من علماء الأزهر الشريف، الذين حرصوا على تأكيد البعد العلمي والشرعي للتصوف الصحيح، المرتبط بالكتاب والسنة، والمنفصل تمامًا عن أي مظاهر غلو أو انحراف.

الطريقة الجعفرية.. مدرسة ذكر ومحبة عبر التاريخ

لم يكن مولد الإمامين الجعفريين مجرد احتفاء بأشخاص، بل استدعاءً لتاريخ طويل من العطاء العلمي والروحي، حيث تمثل الطريقة الجعفرية واحدة من أبرز المدارس الصوفية التي جمعت بين العلم والعمل، وبين ظاهر الشريعة وباطن الحقيقة.

وعلى مدار عقود، لعبت المدرسة الجعفرية دورًا محوريًا في ربط العامة بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعميق معاني المحبة والتزكية، بعيدًا عن التعصب أو الانغلاق، معتمدة على خطاب ديني يوازن بين العقل والقلب، وبين الفقه والسلوك.

وزير الأوقاف: الشيخ صالح الجعفري نموذج للعالم الرباني

وفي كلمته خلال الاحتفال، عبّر الدكتور أسامة الأزهري عن بالغ فخره واعتزازه بالمشاركة في إحياء ذكرى علم من أعلام الأزهر الشريف، مؤكدًا أن الإمام الشيخ صالح الجعفري لم يكن مجرد عالم أو شيخ طريقة، بل كان نموذجًا متكاملًا للعالم الرباني الذي يجمع بين رسوخ العلم وصدق العمل، وبين الفهم عن الله والمعرفة به.

وأشار وزير الأوقاف إلى أن الشيخ الجعفري جسّد صورة العالم الذي يُحيي القلوب قبل العقول، ويقود الناس إلى الله بالمحبة قبل الموعظة، معتبرًا أن سر تأثيره العميق يكمن في صدقه مع الله، وتجرده، وانغماسه الكامل في خدمة الدين والخلق.

عطاء روحي يتجاوز المنابر والقاعات

وأكد الوزير أن عطاء الإمام الجليل لم يتوقف عند حدود التدريس أو الخطابة، بل امتد إلى أفق روحي واسع، فتح الله له فيه أبواب الفهم والولاية، فجعل قلبه مقصدًا للناس، وملاذًا للباحثين عن السكينة، ومظهرًا من المظاهر المحمدية التي تجذب القلوب إلى ربها.

وأضاف أن المدرسة الجعفرية، بما تحمله من تراث روحي وعلمي، ظلت عبر تاريخها منبرًا للذكر والمحبة، وأسهمت في تهذيب النفوس، وتطهير القلوب، وترسيخ معاني الوسطية والاعتدال، في زمن تتعدد فيه التحديات الفكرية والروحية.

الشيخ عبد الغني الجعفري.. امتداد الرسالة وتنوع العطاء

وتطرق وزير الأوقاف إلى الأثر العميق الذي تركه الشيخ عبد الغني صالح الجعفري، خلف الإمام الجليل، مؤكدًا أن الأخذ عنه كان شرفًا علميًا وروحيًا، وأن تنوع العطاء بين أولياء الله هو من أسرار الفتح الإلهي.

وأوضح أن بعض أهل الله يكون عطاؤهم في ميدان العلم والتعليم، وآخرين في ساحات الذكر والإنشاد، وغيرهم في الإصلاح الاجتماعي وبناء النفوس، وكل هذه المسالك، مهما اختلفت صورها، تصب في نهر واحد هو محبة الله ورسوله، وخدمة الإنسان.

رسائل وطنية ودعوية من قلب الاحتفال

ولم تغب الرسائل الوطنية عن كلمة وزير الأوقاف، حيث أكد أن هذه المناسبات الدينية الكبرى تمثل فرصة حقيقية لترسيخ القيم الروحية والوطنية في آن واحد، وبناء وعي ديني رشيد يحصّن المجتمع من التطرف والانغلاق، ويعزز الانتماء للوطن.

 

 

 

تم نسخ الرابط