الحرب انتهت ولا مبرر لوجودهم.. ألمانيا تستدعي أحمد الشرع لبرلين لبحث عودة اللاجئين السوريين طوعاً وترحيل الرافضين
                            تحوّل مفاجئ في الموقف الألماني من الملف السوري، بعدما أعلن المستشار فريدريش ميرتس أن الحرب في سوريا "انتهت فعلياً"، داعياً الرئيس السوري أحمد الشرع إلى زيارة ألمانيا لإجراء محادثات حول عودة اللاجئين السوريين وترحيل مرتكبي الجرائم.
ميرتس، خلال زيارته إلى مدينة هوزوم في ولاية شلزفيج-هولشتاين، أكد أن الوقت حان لبدء مرحلة جديدة، مضيفاً أن ألمانيا لم تعد ترى مبرراً لاستمرار طلب اللجوء للسوريين بعد استقرار الأوضاع في بلادهم.
ميرتس: لا مبرر لبقاء اللاجئين في ألمانيا
المستشار الألماني قال بوضوح: "لقد انتهت الحرب في سوريا، ولم يعد هناك أي مبرر لطلب اللجوء"، مشيراً إلى أن حكومته تدرس البدء بعمليات ترحيل تدريجية للسوريين الذين لا يملكون إقامة قانونية.
وأضاف أن بلاده ستعمل بالتنسيق مع دمشق على إعادة دمج السوريين في مشاريع إعادة الإعمار، مؤكداً أن بدون هؤلاء الناس لا يمكن تحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي في سوريا.
كما لفت إلى أن الحكومة الألمانية تفضّل عودة طوعية منظمة، لكنها لن تتردد في ترحيل من يرفضون العودة خلال الفترة المقبلة.
وعود بالمشاركة في إعادة إعمار سوريا
ميرتس شدد على أن ألمانيا مستعدة للمشاركة الفعلية في جهود نشر الاستقرار وإعادة الإعمار داخل سوريا، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب تعاوناً دولياً لإعادة بناء البنية التحتية المدمّرة وخلق فرص عمل تعيد الأمل للمواطنين.
وأضاف أن ألمانيا، بصفتها أكبر اقتصاد أوروبي، يمكن أن تساهم في مشاريع إعادة تأهيل المدن والطرق والمستشفيات، بالتنسيق مع الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع.
خلاف داخل الحكومة حول الترحيل الفوري
التصريحات أثارت جدلاً سياسياً داخل برلين، خصوصاً بعد أن عبّر وزير الخارجية يوهان فاديفول عن تحفظه على سرعة تنفيذ عمليات الترحيل.
فاديفول، الذي زار مناطق مدمّرة في سوريا مثل حرستا بضواحي دمشق، قال إن "الدمار لا يزال هائلاً، والحياة الكريمة شبه مستحيلة حالياً"، مضيفاً أن عودة واسعة النطاق للاجئين تبدو صعبة في الوقت الراهن.
لكن المستشار ميرتس ردّ بأن الوقت لا يحتمل الانتظار، وأن بلاده تواجه ضغطاً متزايداً من الداخل، مع تصاعد التأييد لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتشدد بعد حادثة زولينجن الأخيرة، التي فجّرت نقاشاً حاداً حول ملف الهجرة.
أرقام تكشف حجم الملف السوري في ألمانيا
وفقاً لبيانات وزارة الداخلية الألمانية، يقيم في البلاد حتى أغسطس الماضي نحو 951 ألفاً و406 سوريين، بينهم 920 شخصاً مطلوبون للترحيل ولا يملكون إقامة قانونية.
هذه الأرقام جعلت من السوريين أكبر جالية لاجئة في ألمانيا، الأمر الذي يضغط على الحكومة لإيجاد حلول طويلة المدى توازن بين الالتزامات الإنسانية والضغوط السياسية الداخلية.
دمشق تعود إلى المسرح الأوروبي
دعوة ميرتس للرئيس أحمد الشرع تأتي بعد عام من سقوط نظام بشار الأسد وصعود حكومة جديدة في دمشق بدعم من قوى المعارضة.
المراقبون يرون في الخطوة مؤشراً واضحاً على عودة العلاقات السياسية بين سوريا وأوروبا بعد أكثر من عقد من القطيعة، خصوصاً مع قرب زيارة الرئيس أحمد الشرع المرتقبة إلى واشنطن الأسبوع المقبل، في جولة دبلوماسية يُتوقع أن ترسم ملامح المرحلة القادمة في المنطقة.
التحوّل الألماني يعكس مرحلة جديدة من الانفتاح على دمشق ورغبة أوروبية في إغلاق ملف اللاجئين السوريين تدريجياً.
لكن الانقسام داخل برلين بين دعاة العودة الفورية والتحفظات الإنسانية يجعل مستقبل العلاقات الألمانية السورية مرهوناً بنتائج زيارة الشرع المقبلة، وما إذا كانت ستفتح الباب أمام عودة آمنة ومنظمة لمئات الآلاف من السوريين.
                
    



