الحرس الثوري الإيراني يفتح ذراعيه للحوثيين: دعم متجدد وولاء مشترك لجبهة المقاومة

رسالة إيرانية جديدة تحمل في طياتها رسائل سياسية وعسكرية بالغة الدلالة، أعلن من خلالها الحرس الثوري الإيراني استعداده لتعزيز العلاقات مع جماعة الحوثي في اليمن، في خطوة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الميداني بين الجانبين.
التصريحات الإيرانية جاءت عقب مقتل القيادي البارز محمد عبدالكريم الغماري وتعيين يوسف حسن المداني خلفاً له، وهو أحد أبرز الوجوه التي تمثل صلة الوصل المباشرة بين الحوثيين وطهران.
باكبور يعلن استمرار الدعم وتعميق التحالف
القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد باكبور، أكد في رسالة رسمية أن بلاده ماضية في دعم ما سماها “جبهة المقاومة وتحرير القدس الشريف”، مجدداً العهد على الاستمرار في نهجها ودعم حلفائها.
وجاء في الرسالة التي حملت طابع التهنئة والتعزية بمقتل الغماري، تأكيد واضح على التزام الحرس الثوري الإيراني بتقوية الروابط الاستراتيجية مع الحوثيين، في ظل ما يصفه الجانب الإيراني بـ"معركة الصمود ضد قوى الهيمنة".
ويرى مراقبون أن هذا الإعلان يعكس رغبة طهران في تثبيت نفوذها باليمن بعد الضربات المتتالية التي تلقاها حلفاؤها في المنطقة، خاصة بعد تزايد الضغوط الدولية على الجماعة الحوثية.
يوسف المداني.. الرجل الأقرب إلى الحرس الثوري الإيراني
تعيين يوسف حسن المداني رئيساً لهيئة الأركان في صفوف الحوثيين لم يكن قراراً عابراً، بل خطوة محسوبة بدقة.
فالمداني يُعد أحد أكثر الشخصيات قرباً من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.
مصادر يمنية تشير إلى أن المداني يشكل حلقة الاتصال المباشرة بين الجماعة وطهران، إذ تولى منذ سنوات الإشراف على تدريب المقاتلين الحوثيين في معسكرات إيرانية، واستقدام خبراء من حزب الله إلى اليمن لتطوير القدرات القتالية.
كما أشرف المداني على عمليات الدعم اللوجستي والمالي، وكان من أبرز من تولوا مهمة الإفراج عن إيرانيين اعتُقلوا في قضايا تهريب أسلحة إلى اليمن، بينها سفينتا “جيهان 1” و“جيهان 2” اللتان تم ضبطهما محملتين بشحنات عسكرية.
من مدارس صعدة إلى معسكرات طهران
يوسف المداني وُلد عام 1977 في مديرية مستبأ بمحافظة حجة، وهو الأوسط بين عشرة إخوة.
بدأ تعليمه في المدارس العامة لكنه تركها مبكراً، ليلتحق بالدروس الدينية في صعدة على يد المرجع الحوثي مجد الدين المؤيدي.
بعد فترة قصيرة، انضم المداني إلى الشباب المؤمن التي أسسها حسين بدر الدين الحوثي في جبال مران،
حيث وجد فيه مؤسس الجماعة شخصية طموحة ومخلصة، فأرسله إلى إيران عام 2002 عبر سوريا لتلقي تدريبات مكثفة في معسكرات الحرس الثوري.
عاد بعدها إلى اليمن محملاً بخبرة عسكرية وتنظيمية، فارتقى سريعاً في صفوف الجماعة حتى أصبح أحد رجالها الأقوياء.
وتشير تقارير إلى أن حسين الحوثي زوّجه ابنته قبل اندلاع الحرب الأولى بأشهر، ما عزز موقعه داخل الدائرة العائلية الحاكمة للجماعة.
تحالف يتجدد وسط تصعيد إقليمي
التقارب الإيراني الحوثي يأتي في لحظة حساسة تشهد فيها المنطقة تصعيداً متزايداً على جبهات عدة، من البحر الأحمر إلى غزة.
ويرى محللون أن الحرس الثوري يسعى لإعادة ترتيب أوراقه في اليمن عبر تثبيت نفوذ المداني، الذي يمثل ضمانة لاستمرار التنسيق العسكري بين طهران وصعدة.
وبينما تراقب القوى الإقليمية هذا التطور بقلق، يظل واضحاً أن التحالف بين الحرس الثوري الإيراني والحوثيين لم يعد مجرد تعاون عابر، بل مشروع طويل المدى يسعى لمد نفوذ إيران في خاصرة الجزيرة العربية.
المشهد اليمني يدخل مرحلة جديدة من التشابك الإقليمي مع تجدد الدعم الإيراني للحوثيين وتثبيت حضور المداني كقائد موالٍ لطهران.
وبالرغم من الدعوات الدولية للتهدئة، يبدو أن خطوط الاتصال بين صعدة وطهران ستظل مفتوحة، ما يجعل اليمن ساحة صراع مفتوحة بين مشاريع النفوذ في المنطقة.