رجل إيران في اليمن.. يوسف المداني من مقاتل مغمور إلى رئيس أركان الحوثيين

صعود مفاجئ يثير الجدل في أروقة السياسة اليمنية والإقليمية. قرار جماعة الحوثي بتعيين اللواء يوسف حسن المداني رئيساً لهيئة الأركان خلفاً لمحمد عبدالكريم الغماري، يفتح الباب مجدداً أمام تساؤلات عن هوية الرجل الذي يعد صلة الوصل الأخطر بين الحوثيين والحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ودوره في ترسيخ النفوذ الإيراني داخل اليمن.
المداني. من "شاب مؤمن" إلى رأس الهرم العسكري
يُعد يوسف المداني واحداً من أبرز القادة الميدانيين في تاريخ جماعة الحوثي.
الرجل الذي وُلد عام 1977 بمحافظة حجة، ترك الدراسة مبكراً، واتجه إلى صعدة لينخرط في جماعة الشباب المؤمن التي أسسها حسين الحوثي، قبل أن يصبح أحد أكثر المقربين إليه.
تلقى المداني تدريباً عسكرياً مكثفاً في إيران عام 2002 بإشراف الحرس الثوري،
مكث هناك قرابة عام كامل، ليعود بعد ذلك متأهباً لحروب صعدة الست التي خاضتها الجماعة ضد الحكومة اليمنية بين عامي 2004 و2009.
صلة الدم والمصاهرة مع زعيم الحوثيين
علاقة المداني بزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي تتجاوز الإطار التنظيمي، إذ تربطهما مصاهرة وثيقة بعد زواجه من ابنة شقيقه. ورغم هذه القرابة، ظل التوتر كامناً بين الرجلين، إذ يرى المقربون من المداني أنه كان الأحق بقيادة الجماعة بعد مقتل مؤسسها حسين الحوثي، خصوصاً أنه كان المسؤول عن إعادة تنظيم صفوفها عقب الانهيار الأول.
ورغم قبوله بقيادة عبدالملك الحوثي “على مضض”، تشير تقارير إلى أن المداني يعمل منذ سنوات على تمهيد الطريق لابن حسين الحوثي، أي ابن شقيق زوجته، لتولي القيادة مستقبلاً.
المداني.. العقل المدبر لاجتياح صنعاء
اسمه ارتبط بأحداث اجتياح صنعاء عام 2014، حين قاد بنفسه المجاميع الحوثية التي اقتحمت دار الرئاسة وحاصرت منزل الرئيس عبدربه منصور هادي.
بعدها أصبح ممثلاً للجماعة في اللجنة الأمنية العليا، وواحداً من أبرز مهندسي الانقلاب على السلطة الشرعية.
كما أشرف المداني على عمليات لوجستية معقدة لدعم الجبهات الحوثية، بينها تهريب الأسلحة القادمة من إيران، وإدارة ملف الإفراج عن الإيرانيين الذين ضُبطوا أثناء محاولات تهريب السلاح عبر سفن مثل “جيهان 1” و“جيهان 2”.
رجل طهران في صنعاء
تشير مصادر استخباراتية إلى أن يوسف المداني هو “همزة الوصل” الأهم بين الحوثيين والحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
يتولى تنسيق التدريب العسكري لعناصر الجماعة داخل لبنان وإيران، كما يشرف على استقدام الخبراء والمدربين الإيرانيين إلى اليمن.
هذه العلاقة جعلته ضمن قائمة العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، إلى جانب قياديين آخرين هما صالح مسفر الشاعر ومحمد الغماري، كما فرضت واشنطن عقوبات مماثلة عليه بتهم تتعلق بدعم الإرهاب وتهديد استقرار المنطقة.
خلف الكواليس.. طموح لا يهدأ
المقربون من المداني يصفونه بأنه “الأكثر طموحاً” بين قادة الصف الأول في الحوثيين، ويؤكدون أن تعيينه رئيساً للأركان يمثل خطوة نحو تعزيز نفوذه داخل المؤسسة العسكرية التابعة للجماعة.
ولا يُستبعد أن يسعى المداني في المرحلة المقبلة إلى فرض نفوذه السياسي، خاصة في ظل تراجع الحالة الصحية لعبدالملك الحوثي واشتداد الخلافات داخل الدائرة القيادية.
تعيين يوسف المداني على رأس أركان الحوثيين لا يمثل مجرد تغيير في المناصب، بل يعكس تحولاً استراتيجياً داخل الجماعة يعزز نفوذ طهران في اليمن.
الرجل الذي بدأ مسيرته جندياً في حروب صعدة، أصبح اليوم أحد أعمدة النفوذ الإيراني في المنطقة، وسط تساؤلات حول مستقبل الجماعة ومن سيخلف عبدالملك الحوثي في قيادة “إمبراطورية الظل”.