رؤية 2030.. كيف غيرت مشروعات البنية التحتية خريطة الاستثمار في مصر؟

حققت مصر إنجازًا اقتصاديًا كبيرًا بعدما جاءت ضمن قائمة أفضل خمس وجهات إفريقية في الاستثمارات الخاصة خلال الربع الثالث من عام 2024، وفقًا لتقرير منصة بيزنس أفريكا.
قفزة مصرية في جذب الاستثمارات الأفريقية
وأوضح التقرير أن مصر استحوذت على نحو 93% من إجمالي الصفقات المنفذة في شمال أفريقيا، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري ومكانته الاستثمارية المتنامية على مستوى القارة.
ويأتي هذا التقدم إلى الطفرة غير المسبوقة في البنية التحتية التي نفذتها الدولة خلال السنوات الأخيرة، والتي شكلت قاعدة صلبة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في قطاعات متنوعة مثل الصناعة، والطاقة، والنقل، والمدن الذكية.

مشروعات قومية ضخمة
اعتمدت الدولة على رؤية واضحة ترتكز على تطوير البنية التحتية كمدخل رئيسي لجذب الاستثمارات، فتم تنفيذ أكثر من 10 آلاف كيلومتر من الطرق والمحاور الجديدة تربط بين الموانئ والمناطق الصناعية، مثل محور “روض الفرج – الضبعة”، ومحور 30 يونيو، وطريق “القاهرة – العين السخنة الجديد”.
وشهدت الموانئ المصرية طفرة غير مسبوقة، أبرزها تطوير ميناء السخنة ليصبح مركزًا إقليميًا للتجارة والخدمات اللوجستية، ورفع كفاءة ميناء شرق بورسعيد لاستيعاب السفن العملاقة، وتوسعة ميناء الإسكندرية والدخيلة وربطها بالموانئ الجافة في السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان لخفض زمن التداول وتكاليف النقل.
البنية التحتية للطاقة والنقل
وفي مجال الطاقة، أنشأت مصر مشروعات كبرى للكهرباء والطاقة المتجددة، مثل مجمع بنبان للطاقة الشمسية بأسوان، الذي يُعد الأكبر في إفريقيا، إلى جانب مشروعات طاقة الرياح في الزعفرانة وجبل الزيت، هذه المشروعات وفرت طاقة نظيفة ومستقرة للصناعة والاستثمار، وساهمت في تقليل الاعتماد على الوقود التقليدي.
وشهدت شبكة السكك الحديدية تطويرًا واسعًا بإدخال أنظمة حديثة وتحسين كفاءة التشغيل، إلى جانب مشروعات النقل الذكي مثل المونوريل والقطار الكهربائي السريع، التي تربط المدن الجديدة بالمراكز الاقتصادية.

توسع عمراني ومدن ذكية
لم يتوقف التطوير عند شبكات النقل والطاقة، بل امتد إلى إنشاء مدن جديدة ذكية مثل العاصمة الإدارية الجديدة، العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، التي صُممت بمعايير حديثة تستهدف جذب الاستثمارات العقارية والسياحية والصناعية، وتوفير بيئة متكاملة للخدمات والبنية الرقمية المتقدمة.
تحسين بيئة الاستثمار وتسهيل الإجراءات
وأكد المهندس حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أن تطوير البنية التحتية كان العمود الفقري لتحسين مناخ الاستثمار، مشيرًا إلى أن الهيئة نفذت خطة شاملة لتبسيط الإجراءات عبر إطلاق منصة الرخصة الذهبية ومنظومة رقمية موحدة لتراخيص الاستثمار.
وأضاف أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تجاوز 11 مليار دولار في العام المالي الماضي، وهو الأعلى في إفريقيا، بفضل الثقة التي تولدت لدى المستثمرين نتيجة التطوير الشامل في المرافق والخدمات.
دور القطاع الخاص وتكامل الجهود
وفي هذا الإطار، أوضح المهندس ميشيل الجمل، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بسوهاج، أن مشروعات الطرق والكباري والطاقة والاتصالات لم تكن رفاهية، بل ضرورة اقتصادية أسهمت في خلق فرص عمل وتحسين كفاءة الإنتاج.
وأشار إيهاب الجندي، رئيس لجنة السياحة بالشعبة العامة للمستثمرين، إلى أن تطوير البنية التحتية السياحية والمطارات ساعد في رفع الطاقة الاستيعابية للقطاع، مؤكدًا أن افتتاح المتحف المصري الكبير ومشروعات مثل رأس الحكمة وميناء أبوقير للحاويات يمثل دفعة قوية للسياحة والاستثمار العقاري والخدمي.

حوافز استثمارية جديدة
ومن جانبه، أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن الحكومة تعمل على تهيئة بيئة مؤسسية وتشريعية أكثر مرونة من خلال تبسيط الإجراءات وإطلاق نظام الرخصة الذهبية، الذي يمنح موافقات سريعة للمشروعات الاستراتيجية، كما أشار إلى أن تطوير البنية الرقمية عزز الشفافية وسهّل التواصل بين الدولة والمستثمرين.
وأضاف الخطيب أن هذه الإصلاحات ساهمت في جذب استثمارات ضخمة في قطاعات الطاقة والتعدين، من أبرزها استثمارات شركة إيني الإيطالية التي تعتزم ضخ نحو 8 مليارات دولار جديدة حتى عام 2026.

شراكات دولية عملاقة
وتواصل الدولة تعزيز شراكاتها الاستثمارية العالمية، حيث شهد الساحل الشمالي توقيع صفقات كبرى، أبرزها مشروع علم الروم القطري بقيمة 7 مليارات دولار، بعد نجاح صفقة رأس الحكمة الإماراتية، وتعكس هذه المشروعات قدرة مصر على تحويل مناطقها الساحلية إلى مراكز جذب عالمي بفضل جاهزية بنيتها التحتية المتطورة.
رؤية مصر 2030
وتؤكد المؤشرات الحالية أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية مصر 2030، عبر التوسع في التحول الرقمي، وتعميق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والاستمرار في تطوير البنية التحتية باعتبارها الركيزة الأساسية لجذب الاستثمارات وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري على المستويين الإقليمي والعالمي.