تطوير الموانئ المصرية.. شرايين جديدة لدعم الاقتصاد وتحقيق التحول اللوجستي

تشهد الموانئ المصرية خلال السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة في أعمال التطوير والتحديث، في إطار خطة شاملة تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز عالمي للتجارة والخدمات اللوجستية بين الشرق والغرب، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي على البحرين الأحمر والمتوسط، ومرور قناة السويس التي تُعد أحد أهم شرايين التجارة الدولية.
وتعمل الدولة على تنفيذ استراتيجية متكاملة لتطوير الموانئ البحرية والجافة على حد سواء، بما يتوافق مع رؤية مصر 2030 التي تضع القطاع اللوجستي والنقل البحري ضمن ركائز النمو الاقتصادي المستدام، وتعزيز قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الصناعية والتجارية.
"ميناء العين السخنة" بوابة مصر على البحر الأحمر
يعد ميناء العين السخنة أحد أبرز نماذج التطوير في هذا القطاع، حيث يشهد مشروع توسعة وتحديث ضخم يهدف إلى تحويله إلى ميناء محوري عالمي يخدم التجارة بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وتم تنفيذ أرصفة جديدة بطول يتجاوز 18 كيلومترًا، وزيادة عمق الميناء لاستقبال السفن العملاقة، مع إنشاء مناطق لوجستية وصناعية متكاملة ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ما يجعله مركزًا رئيسيًا لجذب الاستثمارات الصناعية والتجارية، ويسهم في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

ميناء “شرق بورسعيد” نموذج للتحول الذكي
أما ميناء شرق بورسعيد فيمثل نموذجًا آخر للتحول الذكي،حيث تم تطويره ليصبح من أحدث الموانئ المحورية في البحر المتوسط، من خلال تزويده بأرصفة بطول 10 كيلومترات، ومحطات حاويات متطورة تعتمد على الأنظمة الرقمية الحديثة في إدارة وتشغيل السفن والبضائع.
كما تم إنشاء مناطق لوجستية ضخمة ومجمعات صناعية متخصصة بالقرب منه، بما يعزز تكامل سلاسل الإمداد ويجعل الميناء نقطة رئيسية في حركة التجارة بين آسيا وأوروبا.

"ميناء الإسكندرية" تطوير تاريخي لميناء عمره قرن
يشهد ميناء الإسكندرية أقدم وأكبر الموانئ المصرية، عملية تطوير شاملة تشمل تحديث البنية التحتية والأرصفة، وإنشاء محطة تداول حاويات جديدة بميناء الدخيلة، بجانب تطوير نظم التشغيل والربط الإلكتروني بين الجهات العاملة في الميناء، مما يسهم في رفع كفاءته التشغيلية وتقليل زمن الإفراج الجمركي.
كما يجري العمل على ميناء الإسكندرية الكبير الذي يضم الميناءين الشرقي والغربي والدخيلة في كيان موحد متكامل، ليكون قادرًا على المنافسة الإقليمية في مجال النقل البحري والخدمات اللوجستية.
"الموانئ الجافة" نقلة نوعية في منظومة النقل
ولم يقتصر التطوير على الموانئ البحرية فحسب، بل شمل أيضًا إنشاء وتشغيل الموانئ الجافة والمناطق اللوجستية الداخلية في عدد من المحافظات، مثل العاشر من رمضان، وسفنكس، و6 أكتوبر، بهدف تخفيف الضغط على الموانئ البحرية، وتقليل زمن نقل البضائع وتكلفتها.
وتتيح هذه الموانئ الحديثة ربطًا مباشرًا بشبكات الطرق والسكك الحديدية، بما يعزز كفاءة حركة البضائع من وإلى الموانئ، ويساهم في رفع تنافسية الصادرات المصرية.

انعكاسات اقتصادية واسعة
من المتوقع أن تسهم هذه الجهود في زيادة إيرادات الدولة من النقل البحري والخدمات اللوجستية، ورفع تصنيف الموانئ المصرية عالميًا، بالإضافة إلى تعزيز قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية في مجالات الصناعة والنقل والتجارة.
وتساعد هذه المشروعات في خلق بيئة اقتصادية متكاملة تدعم الصادرات المصرية، وتفتح أسواقًا جديدة أمام المنتج المحلي، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى تعميق التصنيع المحلي وتقليل فاتورة الواردات.
ومع اكتمال خطة التطوير الجاري تنفيذها، تتجه مصر بثبات نحو التحول إلى منصة تجارية ولوجستية إقليمية ودولية، تمتلك موانئ عصرية قادرة على المنافسة، وبنية تحتية تدعم النمو الاقتصادي وتخدم أهداف التنمية المستدامة.