رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

لماذا حررت الحكومة العلاقة بين المالك والمستأجر ولم تكتفِ برفع قيمة الإيجار؟

مبانِِ سكنية قديمة
مبانِِ سكنية قديمة في وسط القاهرة

تتواصل حالة الجدل حول قانون الإيجار القديم الذي دخل حيّز التنفيذ مطلع أغسطس الجاري، باعتباره أحد أكثر القضايا الاجتماعية والقانونية تعقيدًا في مصر، إذ يتقاطع فيه البعد الدستوري مع الاعتبارات الاقتصادية والإنسانية، بين حقوق الملاك ومصالح المستأجرين.

وعلى وقع حكم المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر 2024 بعدم دستورية تثبيت الأجرة، وجدت الحكومة نفسها في مواجهة اختبار صعب لتحقيق التوازن بين حماية الملكية الخاصة وضمان السكن الملائم للمواطنين.

غير أن المعالجة الحكومية لم تتوقف عند حد رفع قيمة الإيجار، بل مضت نحو تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر بصورة شاملة، وهو ما يطرح تساؤلات حول الدوافع وراء هذه الخطوة، التي وصفت بأنها الأجرأ منذ عقود.

خلل في النصوص الاستثنائية

المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، قال إن الحكم الصادر عام 2002 من المحكمة الدستورية العليا بشأن امتداد عقود الإيجار القديم جاء لمعالجة نص قانوني كان يمد عقد الإيجار للمقيمين مع المستأجر من أبناء ووالدين وأقارب نسبًا أو مصاهرة بلا قيود.

وأشار فوزي إلى أن الجمع بين الامتداد غير المحدود وثبات الأجرة جرّد المالك من خصائص حق الملكية المتمثلة في الاستعمال والاستغلال والتصرف، موضحًا أن المحكمة رأت أن هذه القواعد تجور على الملكية بشكل واسع، لتقرر إنهاء الامتداد عند الجيل الأول فقط.

39 حكمًا بعدم الدستورية لقوانين الإيجار القديم

وأوضح فوزي أن قوانين الإيجار القديم كانت محلًا لكثير من الطعون الدستورية، إذ صدر بشأنها نحو 39 حكمًا بينها 26 حكمًا بعدم الدستورية.

وأضاف أن حكم المحكمة الدستورية الصادر في نوفمبر 2024 قضى بعدم دستورية تثبيت الأجرة، مؤكدًا أن الامتداد وثبات الأجرة لا يستعصيان على التنظيم التشريعي.

معالجة شاملة بدلًا من الاكتفاء بتعديل الأجرة

وردًا على تساؤل حول سبب عدم الاكتفاء بمعالجة مسألة تثبيت الأجرة، قال فوزي إن الحكومة رأت في هذه اللحظة فرصة مناسبة لمعالجة شاملة تأخرت لسنوات.

ولفت إلى أن الإبقاء على القوانين القديمة كان سيؤدي إلى مخاطر تهدم المباني وتهديد الثروة العقارية بسبب إحجام الملاك عن الإنفاق على الصيانة لانعدام العائد، فضلًا عن ركود السوق العقاري وتراجع بناء وحدات بغرض الإيجار، واستمرار غلق آلاف الوحدات رغم حاجة السوق إليها.

وتابع فوزي على أن الحكومة تعاملت مع الملف برؤية متوازنة، ولسنا أمام طرف رابح وآخر خاسر، فكل طرف سيكسب شيئًا ويتحمل آخر، لكن الحكومة هي التي تحملت العبء الأكبر بالتزامها بتوفير وحدات سكنية بديلة.

ويلزم قانون الإيجار القديم الحكومة بإصدار قرار خلال شهر من تطبيقه، يحدد شروط تقديم طلبات المستأجرين للحصول على وحدات بديلة للإيجار أو التمليك من المتاح لدى الدولة، على أن يرفق كل طلب بإقرار بالإخلاء والتسليم فور صدور قرار التخصيص.

وفي 4 أغسطس الجاري، صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون تسوية أوضاع الإيجار القديم، الصادر عن مجلس النواب في 2 يوليو 2025.

وأقر القانون فترتين انتقاليتين: 7 سنوات للوحدات السكنية، و5 سنوات لغير السكنية، تتخللهما زيادات دورية في القيمة الإيجارية، إلى جانب إجراءات تفصيلية لإعادة تقييم وتصنيف المناطق العقارية بمختلف المحافظات.

زيادات تدريجية في القيمة الإيجارية تبدأ من سبتمبر

بموجب القانون، ستبدأ الزيادات الفعلية في القيم الإيجارية اعتبارًا من أول سبتمبر 2025، وفق جدول تدريجي يستند إلى تصنيف المناطق الجغرافي.

وتُرفع القيمة للوحدات السكنية إلى 250 جنيهًا كحد أدنى، بينما ترتفع القيمة لغير السكني بمقدار 5 أمثال القيمة الحالية، وذلك لمدة 3 أشهر فقط، لحين انتهاء لجان الحصر من أعمالها وتحديد القيمة النهائية لكل منطقة.

ويُطبق على الطرفين نظام زيادة سنوية بنسبة 15% في بداية سبتمبر من كل عام، وذلك حتى نهاية الفترة الانتقالية، يليها الإخلاء الفعلي للوحدة المؤجرة.

لجان حصر وتصنيف المناطق

وينص القانون على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا عاجلًا بتشكيل لجان حصر في كل محافظة، تختص بتقسيم المناطق إلى ثلاثة مستويات: متميزة، متوسطة، اقتصادية، وذلك وفقًا لمعايير تشمل الموقع الجغرافي، البنية التحتية، وشبكة المواصلات.

وينبغي لتلك اللجان إنهاء أعمالها خلال ثلاثة أشهر (حتى 5 نوفمبر 2025)، مع إمكانية التمديد مرة واحدة بقرار من مجلس الوزراء.

تحديد القيمة الإيجارية

بعد انتهاء عمل لجان الحصر، يصدر كل محافظ قرارات تصنيف المناطق، والتي ستبنى عليها القيم الإيجارية الجديدة وفقًا للتالي:

المناطق المتميزة: 

20 ضعف القيمة القديمة، بحد أدنى 1000 جنيه شهريًا.

المناطق المتوسطة: 

10 أضعاف، بحد أدنى 400 جنيه.

المناطق الاقتصادية: 

10 أضعاف، بحد أدنى 250 جنيهًا.

ويلتزم المستأجر بسداد الفروق إذا وجدت، سواء كان هو صاحب العقد أو امتد إليه عقد الإيجار.

تم نسخ الرابط