لندن تغيّر قواعد اللعبة.. كاتب سوري لـ"تفصيلة": خطوة بريطانيا تجاه "تحرير الشام" تعني اعترافاً ضمنياً بالشرع رئيساً
اتخذت الحكومة البريطانية خطوة وُصفت بالزلزال السياسي في الأوساط الدولية، بعدما أعلنت رسمياً رفع هيئة تحرير الشام من قائمتها للمنظمات الإرهابية.
القرار الذي أقرّه البرلمان البريطاني اليوم، يمثل منعطفاً حاداً في موقف لندن من الملف السوري، ويفتح الباب أمام تعاون محتمل مع الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع.
ويؤكد مراقبون أن هذه الخطوة ليست معزولة عن سياق التحولات العميقة في توجهات السياسة الخارجية البريطانية، التي باتت تركز على استعادة نفوذها في الشرق الأوسط وتعديل بوصلتها بما يخدم مصالحها الأمنية والاستراتيجية.
تغيير غير مسبوق في النهج البريطاني
الكاتب والمحلل السوري عبد الحميد توفيق وصف القرار في تصريحات خاصة لموقع تفصيلة بأنه "تحول استراتيجي حقيقي" في سياسة بريطانيا تجاه سوريا والمنطقة ككل.
وقال توفيق إن بريطانيا تعيد قراءة سياساتها الخارجية بدقة متناهية، مشيراً إلى أن رفع "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب يأتي في إطار نهج جديد يتجه شرقاً، تدعمه مواقف أخرى مثل اعتراف لندن بدولة فلسطين، لتسبق بذلك الولايات المتحدة والدول الغربية في هذا الملف.
وأضاف أن بريطانيا، التي كانت صاحبة "وعد بلفور" المؤسس للكيان الإسرائيلي، باتت الآن تتخذ خطوات معاكسة تعكس إدراكاً متجدداً لأهمية التوازن في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن القرار الأخير رسالة سياسية بليغة تشير إلى رغبة لندن في الانفتاح على النظام السوري الجديد والتعامل معه كسلطة أمر واقع في دمشق.
قرار بريطانيا اعتراف ضمني بالحكومة السورية الجديدة
أوضح توفيق أن قرار بريطانيا برفع "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب، يحمل في طيّاته اعترافاً غير مباشر بالسلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، لافتاً إلى أن الخطوة تمثل سابقة بين الدول الغربية، إذ سبقت لندن حتى واشنطن في تبني هذا التحول الجريء.
وأكد أن بريطانيا لن تتردد في الانخراط في حوار مباشر مع دمشق الجديدة، بعد أن كانت من أوائل الدول التي ألغت عقوباتها المفروضة على سوريا قبل نحو شهرين، في خطوة تكمل هذا التوجه الانفتاحي المتسارع.
عودة بريطانية قوية إلى الشرق الأوسط
يرى الكاتب السوري أن السياسة البريطانية الحالية تحمل بعداً استراتيجياً مزدوجاً: فهي من جهة تخدم المصالح السورية الجديدة وتُمهّد لمرحلة استقرار، لكنها من جهة أخرى تخدم أهداف لندن في استعادة دورها الإقليمي، ومنافسة القوى الكبرى مثل روسيا والصين في سوريا والمنطقة.
وأشار إلى أن هذا التوجه يعكس رغبة بريطانية واضحة في تثبيت حضورها السياسي والاقتصادي مجدداً، بعد سنوات من التراجع والتردد، مضيفاً أن لندن تسعى لخلق شراكات متوازنة مع الحكومة السورية بما يخدم مصالح الطرفين.
تحول يعيد رسم موازين القوى الإقليمية
يؤكد عبدالحميد توفيق الكاتب السوري لموقع تفصيلة، أن القرار البريطاني الأخير ليس مجرد تعديل في قائمة تنظيمات، بل بداية لإعادة رسم ملامح النفوذ الغربي في الشرق الأوسط.
وقال توفيق، بريطانيا التي لطالما تبعت النهج الأميركي، اختارت هذه المرة أن تتقدم بخطوة جريئة مستقلة، قد تعيد ترتيب التحالفات وتفتح مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق والمنطقة بأكملها.



