باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

خطوة مفاجئة تربك المشهد السوري.. بريطانيا ترفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب

بريطانيا ترفع هيئة
بريطانيا ترفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب

اتخذت الحكومة البريطانية خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية، بإعلانها رفع هيئة تحرير الشام من قائمتها للمنظمات الإرهابية، في تحول غير مسبوق في موقف لندن من الملف السوري.
القرار الذي أقرّه البرلمان البريطاني هذا الأسبوع، يُمهّد لتعاون محتمل مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، ويعكس بحسب مراقبين رغبة لندن في إعادة صياغة سياستها في الشرق الأوسط بما يخدم أولوياتها الأمنية والاستراتيجية.

دوافع القرار.. مصالح لا مبادئ

تؤكد مصادر دبلوماسية بريطانية أن القرار لم يُتخذ باستخفاف، بل جاء بعد مراجعة شاملة أجرتها مجموعة مراجعة الحظر المشتركة بين الحكومات، وبمشاركة أجهزة الأمن والاستخبارات.
وترى الحكومة البريطانية أن المشهد السوري تغيّر جذرياً خلال السنوات الأخيرة، وأن هيئة تحرير الشام التي كانت تُعد واجهة لتنظيم القاعدة عام 2017 تحولت اليوم إلى قوة أمر واقع تسيطر على مناطق واسعة شمال البلاد، وتتعامل ببراغماتية مع القوى الإقليمية.
ووفق البيان الرسمي، فإن الخطوة تهدف إلى تعزيز التعاون مع دمشق في ملفات الإرهاب والهجرة والأسلحة الكيميائية، مشدداً على أن “السلامة والأمن القومي البريطاني يظلان أولوية قصوى”.

انسجام مع الموقف الأميركي

يأتي القرار البريطاني بعد أشهر قليلة من خطوة مماثلة من الولايات المتحدة التي ألغت تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية أجنبية في يوليو الماضي.
ويرى محللون أن التنسيق بين لندن وواشنطن يعكس توجهاً غربياً موحداً لإعادة إدماج سوريا في النظام الدولي، بعد سنوات من العزلة السياسية والعقوبات.
وتسعى العاصمتان إلى تمكين الحكومة السورية الجديدة من السيطرة على كامل أراضي البلاد، بهدف خلق شريك رسمي يمكن التعامل معه في ملفات أمنية وإنسانية، خصوصاً في ظل تراجع خطر تنظيم داعش.

حسابات الأمن قبل المبادئ

يربط مراقبون القرار البريطاني برغبة لندن في تحييد المخاطر الإرهابية عبر التنسيق مع دمشق، لا مواجهتها من بعيد.
وتعتقد الحكومة البريطانية أن الانفتاح على هيئة تحرير الشام سيمنحها قنوات استخباراتية مباشرة داخل سوريا، تسهّل تتبع تحركات الجماعات المتطرفة المتبقية.
كما أن الملف الإنساني لا يقل أهمية، إذ تسعى لندن إلى تخفيف أزمة الهجرة غير الشرعية التي تصاعدت خلال الأعوام الأخيرة، حيث تشكل سوريا إحدى أبرز بؤر تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

موقف دمشق.. ترحيب مشروط

مصادر سياسية سورية وصفت القرار بأنه انتصار دبلوماسي للحكومة الجديدة التي تحاول تثبيت شرعيتها الخارجية بعد انهيار نظام الأسد.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن دمشق رحبت بخطوة لندن والبيت الأبيض، معتبرة أنها “اعتراف غير مباشر بالسلطة الجديدة”.
لكن مسؤولين سوريين أكدوا في الوقت نفسه أن التعاون الأمني والسياسي مع بريطانيا سيبقى مشروطاً برفع العقوبات الاقتصادية وإعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة، إضافة إلى إشراك دمشق في عمليات إعادة الإعمار.

تأثير القرار على العقوبات والإعمار

تتوقع دوائر اقتصادية أن يؤدي رفع تصنيف هيئة تحرير الشام إلى فتح الباب أمام تدفق محدود للاستثمارات الإنسانية في شمال سوريا، خصوصاً في مشاريع البنية التحتية وإعادة الخدمات الأساسية.
كما يرى خبراء أن القرار يمكن أن يشكل بداية لرفع تدريجي للعقوبات الغربية، أو على الأقل استثناء بعض القطاعات الحيوية مثل الصحة والطاقة والإغاثة من القيود المفروضة.

ويعتقد محللون أن لندن وواشنطن تسعيان لتجريب نموذج “الانفتاح المشروط” على الحكومة السورية الجديدة، لا سيما مع وعود الرئيس أحمد الشرع بالتعاون الكامل في ملف الأسلحة الكيميائية.

انقسام دولي ومخاوف إقليمية

أثار القرار البريطاني استياء بعض الدول الأوروبية والعربية، التي ما زالت تعتبر هيئة تحرير الشام تنظيماً متطرفاً ذا سجل دموي.

وتخشى تلك الدول أن يؤدي هذا التحول الغربي إلى شرعنة جماعات كانت تُصنف سابقاً إرهابية، مما قد يعقّد المشهد السوري أكثر.
في المقابل، رحبت تركيا وقطر بالقرار، معتبرتين أنه يفتح نافذة جديدة للحل السياسي ويتيح استقرار المناطق الشمالية تمهيداً لبدء مرحلة الإعمار.

ملامح مرحلة جديدة في سوريا

تحولات السياسة البريطانية تجاه سوريا تشير إلى مرحلة إعادة تموضع إقليمي ودولي، عنوانها الواقعية السياسية بدل القطيعة الأيديولوجية.
وتبدو لندن اليوم مستعدة لاعتبار “هيئة تحرير الشام” جزءاً من النظام الجديد، لا تهديداً له، في إطار مسعى أوسع لإعادة ترتيب المشهد الأمني في الشرق الأوسط.
لكن تبقى التساؤلات: هل تنجح بريطانيا والولايات المتحدة في تحويل الانفتاح إلى استقرار دائم؟ أم أن هذه الخطوة ستعيد إشعال خلافات دولية حول شرعية القوى الصاعدة في سوريا؟

تم نسخ الرابط