طال رمز القوة النووية.. تفاصيل الهجوم الأوكراني على العمق الروسي

في خطوة مفاجئة تعيد خلط أوراق النزاع الروسي الأوكراني، شنت كييف هجوماً نوعياً استهدف عمق الأراضي الروسية، وتحديداً مكونات من "الثالوث النووي" الروسي في منطقة سيبيريا.
وتُعد هذه الضربة، التي توصف بأنها الأبعد جغرافياً منذ بداية الحرب عام 2022، تطوراً لافتاً على الصعيدين العسكري والاستراتيجي.
ضربة عسكرية بتكلفة باهظة للكرملين
العملية، التي قدّرت أوكرانيا خسائر روسيا من جرائها بأكثر من 7 مليارات دولار، لم تكن مجرد نجاح تكتيكي، بل رسالة استراتيجية مباشرة إلى موسكو، تُظهر قدرة كييف على الوصول إلى أهداف محصّنة على بعد آلاف الكيلومترات من خط المواجهة.
ورغم أهمية الضربة وحجم الخسائر، اكتفت موسكو بتأكيد وقوع الهجمات، معلنة اعتقال عدد من المشتبه بهم دون الخوض في تفاصيل أوسع، ما يعكس حجم الإحراج السياسي والأمني الذي أحدثته العملية.
اختراق جريء من داخل الأراضي الروسية
الهجوم تم تنفيذه بواسطة طائرات مسيرة متطورة انطلقت من داخل الأراضي الروسية نفسها، في محاولة لتجاوز الدفاعات الجوية الروسية المنتشرة على الحدود.
واستهدفت الطائرات مطارات عسكرية ومنشآت استراتيجية يُعتقد أن لها علاقة مباشرة بالبنية التحتية النووية الروسية، خصوصاً القاذفات بعيدة المدى.
الهجوم لم يكن معزولاً، إذ تزامن مع تفجيرات متفرقة استهدفت جسوراً وسككاً حديدية في منطقتي بريانسك وكورسك، أسفرت عن مقتل 7 أشخاص وجرح العشرات، ما عزز من فرضية أن الهجمات جزء من عملية منسّقة واسعة النطاق.
دور غامض لأجهزة غربية؟
العملية المعقّدة والدقيقة أثارت تساؤلات في أوساط المراقبين حول إمكانية وجود دعم استخباراتي غربي، لا سيما مع نجاح الطائرات المسيرة في تجاوز أنظمة الرصد المتقدمة والوصول إلى مواقع تعتبرها موسكو شديدة التحصين.
ورغم عدم وجود دلائل علنية، فإن التقاطع الزمني بين الهجوم والضغوط الغربية على روسيا في مسار المفاوضات يعزز من احتمالية تنسيق خفي خلف الكواليس.
مفاوضات إسطنبول في ظل تصعيد ميداني
ورغم التصعيد الميداني، لم تتراجع كييف عن المسار الدبلوماسي، إذ أعلنت عن توجه وفد رسمي برئاسة وزير الدفاع رستم أوميروف إلى مدينة إسطنبول التركية، للمشاركة في جولة جديدة من المحادثات المباشرة مع موسكو.
وتتمسك كييف خلال هذه الجولة بوقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار، إعادة فورية للأسرى، ورفض أي تنازل سيادي عن الأراضي التي تحتلها روسيا.
موسكو في موقف حرج
الهجوم، الذي طال رمز القوة النووية الروسية، يضع الكرملين أمام تحدٍ مباشر لمعادلات الردع التقليدية.
وبينما تلتزم القيادة الروسية الصمت، تبقى الأنظار مشدودة نحو الرئيس فلاديمير بوتين، الذي بات عليه أن يوازن بين الرد العسكري وحسابات التصعيد، في وقت تسير فيه جهود السلام بخطى متعثرة.