رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
معتز سليمان
مدير التحرير
نصر نعيم

دراسة تحذر: فطريات قاتلة تهدد ملايين البشر في آسيا وأوروبا والأمريكيتين

فطريات قاتلة
فطريات قاتلة

يهدد الفطر القاتل، Aspergillus fumigatus، ملايين الأشخاص في آسيا وأوروبا والأمريكتين قريبًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة وضعف الاستعدادات المضادة للفطريات.

يلوح في الأفق خطرٌ وشيكٌ يتبلور بهدوء عبر القارات، مدفوعًا بارتفاع درجات الحرارة وضعف الاستعدادات الطبية و كشفت دراسةٌ نُشرت حديثًا أن مُمْرِضًا فطريًا قاتلًا - الرشاشيات الدخانية - قد يُهدد ملايين البشر قريبًا في آسيا وأوروبا والأمريكتين. هذا المُمْرِض، الموجود عادةً في المواد العضوية كالسماد، يُشكّل الآن مصدر قلق صحي خطير نظرًا لقدرته على النمو في درجات الحرارة المرتفعة واستغلال ضعف أجهزة المناعة.


ارتفاع درجات الحرارة يغذي نمو الفطريات
مع تفاقم تغير المناخ، تزداد البيئات الدافئة والرطبة التي تحتاجها فطريات مثل الرشاشيات لتزدهر. 

وتحذر الدراسة من أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية يدفع العالم نحو نقطة تحول، حيث قد تصبح العدوى الفطرية شائعة في مناطق لم تتأثر سابقًا.

 

فطريات قاتلة
فطريات قاتلة

أكد نورمان فان راين، المؤلف المشارك في الدراسة، على خطورة الوضع. وأشار إلى أن النظم البيئية وسلوكيات مسببات الأمراض تشهد تحولات جذرية، قائلاً: "بعد 50 عامًا، ستختلف تمامًا أماكن نمو الكائنات الحية ومصادر العدوى بها"وقد تؤدي هذه التغيرات إلى اضطرابات كبيرة في أنظمة الصحة العامة والتنوع البيولوجي.


الرشاشيات الدخانية: ممرض مرن


ما يجعل فطر الرشاشيات الدخانية خطيرًا بشكل خاص هو قدرته على التكيف، فهو ينمو بسرعة في بيئات شديدة الحرارة، مثل أكوام السماد، وهي ظروف تحاكي درجة حرارة الجسم الداخلية البالغة 37 درجة مئوية، وقدرة فطرياته على البقاء هائلة لدرجة أنه عُثر على فطريات من نفس المجموعة داخل المناطق المشعة في تشيرنوبيل.

 

تمنح هذه القدرة على التكيف الفطر ميزة فريدة عند استعمار جسم الإنسان، وخاصة الرئتين.

 تشير البروفيسورة إيلين بيغنيل من مركز MRC لعلم الفطريات الطبية بجامعة إكستر إلى أن سلوك هذا المُمْرِض في البيئة قد يكون عاملاً حاسماً في قدرته على إصابة البشر. فبمجرد استنشاقه، يمكن لأبواغه المجهرية أن تُسبب مجموعة من أمراض الجهاز التنفسي، وخاصةً لدى الأشخاص المصابين بالربو أو التليف الكيسي أو ضعف الجهاز المناعي.


من أكثر جوانب التهديد الفطري إثارةً للقلق قلة فهمنا له و لا تزال مملكة الفطريات غير مستكشفة إلى حد كبير، حيث لم يُوصَف سوى حوالي 10% من أصل ما يُقدَّر بـ 1.5 إلى 3.8 مليون نوع منها رسميًا. 

ولم يخضع سوى عدد أقل من الأنواع للتسلسل الجيني وهذا النقص في المعلومات يُصعِّب على الباحثين توقع أي الفطريات قد تُشكِّل الخطر الصحي الكبير التالي.

 

يحذر العلماء من أن المسار الحالي للاحتباس الحراري العالمي، والذي تغذيته الاعتماد المستمر على الوقود الأحفوري، قد يسمح لفطر Aspergillus fumigatus بالانتشار إلى 77% من المناطق بحلول عام 2100. وفي أوروبا وحدها، قد يجد ما يصل إلى تسعة ملايين شخص أنفسهم معرضين لخطر متزايد للإصابة بالعدوى خلال هذا الإطار الزمني.

فطريات قاتلة 
فطريات قاتلة 

 

رغم إلحاح الوضع، لا تزال التدابير الطبية لمكافحة الفطريات متأخرة، ولا يزال تطوير أدوية جديدة مضادة للفطريات يعاني من نقص التمويل بشكل كبير. وعلى عكس علاجات العدوى البكتيرية أو الفيروسية، لا تحظى أبحاث مضادات الفطريات إلا باهتمام ضئيل نسبيًا نظرًا لضعف ربحيتها وارتفاع تكاليف تطويرها، وقد يُحرم هذا التردد المالي ملايين البشر من علاجات فعالة في ظل تنامي مقاومة الفطريات.

 

يرى الخبراء أن هناك حاجة إلى استراتيجية عالمية استباقية للتخفيف من وطأة هذه الأزمة الوشيكة. فالاستثمار في أبحاث الفطريات، والعمل المناخي، والبنية التحتية للصحة العامة، أمرٌ أساسي لحماية الفئات السكانية الضعيفة.


رغم أن فطر الرشاشيات الدخانية قد لا يكون معروفًا بعد، إلا أن قدرته على إحداث دمار هائل حقيقية، فمع ارتفاع درجة حرارة المناخ واستمرار تطور مسببات الأمراض الفطرية، يواجه العالم تهديدًا بيولوجيًا صامتًا ولكنه متصاعد. 

وبدون تدخل عاجل، قد يصبح هذا الفطر القاتل قريبًا عدوًا عنيدًا، لا سيما لمن هم أقل استعدادًا لمكافحته.  فهل النظام الصحي العالمي مستعد لمواجهة هذه الآفة الفطرية؟ قد يحدد الجواب مصير الملايين.

 

تم نسخ الرابط