كيف تستغل إسرائيل حادثة إطلاق النار في واشنطن لصرف الأنظار عن إبادة غزة؟

سارعت إسرائيل إلى استغلال حادث إطلاق النار الذي وقع الأربعاء في واشنطن، وأودى بحياة موظفَين في سفارتها، بهدف استدرار التعاطف الغربي وصرف الأنظار عن ما تتعرض له غزة من مجازر وحصار وتجويع متعمد.
ووفقًا للشرطة الأمريكية، أقدم رجل أمريكي يُدعى إلياس رودريجيز، يبلغ من العمر 30 عامًا ومن سكان شيكاغو، على إطلاق النار على اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية بالقرب من أحد المتاحف في واشنطن، مرددًا عبارة "فلسطين حرة".
وتداول ناشطون على منصة X مقطع فيديو يُظهر لحظة اعتقال رودريجيز، وهو يصرخ بـ"فلسطين حرة".
فيما نقلت وسائل إعلام أمريكية عن شاهد عيان أن رودريجيز تظاهر في البداية بأنه مجرد مارة، قبل أن يصرّح، بعد أكثر من عشر دقائق من الانتظار، قائلًا: "فعلتها من أجل غزة".
من هو إلياس رودريجيز؟
وتشير المعلومات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن رودريجيز يعمل باحثًا في التاريخ لدى منظمة HistoryMakers في شيكاغو، والتي توثق سير شخصيات بارزة من أصول إفريقية أمريكية.
وقد وُلد ونشأ في شيكاغو، وحصل على شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة إلينوي.
ضغوط أوروبية لوقف الحرب
جاء هذا الحادث في وقت تواجه فيه إسرائيل ضغوطًا أوروبية متزايدة لوقف حربها على قطاع غزة ورفع الحصار عنه.
وأعلن الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع مراجعة لاتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل، كما أوقفت بريطانيا مفاوضاتها التجارية مع تل أبيب، فيما أكدت فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقد أسفر العدوان الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023 عن استشهاد أكثر من 53 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن دفع سكان غزة نحو حافة المجاعة نتيجة الحصار والقصف المستمر.
وفي الضفة الغربية، استشهد ما لا يقل عن 929 فلسطينيًا، واعتُقل أكثر من 17 ألفًا على يد قوات الاحتلال أو المستوطنين المسلحين.
وفي مواجهة هذا التصاعد في الانتقادات الدولية، لجأت حكومة الاحتلال الإسرائيلية إلى تكرار مزاعم "معاداة السامية".
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه أمر بتعزيز الإجراءات الأمنية حول السفارات الإسرائيلية في الخارج، متوعدًا بمحاربة ما وصفه بـ"معاداة السامية والتحريض ضد إسرائيل".
أما وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، فقد سارع إلى تحميل "التحريض الأوروبي" مسؤولية الحادث، وفق تعبيره.
وقال إن "هناك خط مباشر يربط بين التحريض المعادي لإسرائيل ومعاداة السامية وبين هذا القتل"، واتهم مسؤولين دوليين، لا سيما من أوروبا، بلعب دور في تأجيج العداء ضد إسرائيل.
وعلى الرغم من تصاعد الغضب العالمي من الحرب على غزة، فقد تبنى عدد من القادة الأوروبيين الرواية الإسرائيلية، وركزوا في تصريحاتهم على إدانة الحادث بوصفه "عملًا معاديًا للسامية".
إذ أعربت رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس عن "صدمتها"، مؤكدة أنه "لا مكان للكراهية والتطرف ومعاداة السامية في مجتمعاتنا".
وأدان وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني "مشاهد الرعب والعنف"، معلنًا "تضامنه الكامل" مع إسرائيل.
كما وصف المستشار الألماني فريدريش ميرتس الحادث بأنه "عمل شنيع"، في حين قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إنه "مروع"، واعتبره "جريمة كراهية معادية للسامية"، أما نظيره الفرنسي جان-نويل بارو فوصفه بأنه "فعل همجي بغيض معاد للسامية".
ويأتي هذا الحادث بعد أيام فقط من إطلاق قوات الاحتلال النار على مجموعة من الدبلوماسيين الأجانب كانوا في زيارة لمخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية، بدعوى أن الوفد خالف المسار المقرر للزيارة، وهذه رواية أثارت استنكارًا دوليًا واسعًا.
وتواصل قوات الاحتلال منذ يناير الماضي حملة عسكرية شرسة في مدن ومخيمات الضفة الغربية، خصوصًا في جنين، ما أدى إلى تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وسقوط عشرات الشهداء، إلى جانب الدمار الواسع في البنى التحتية والمنازل.