إعادة ترتيب الأولويات
الحكومة تغيّر مسار الطروحات: المطارات بدلًا من الشركات (خاص)

تراجعت الحكومة المصرية عن خطتها لطرح شركات ضمن برنامج الطروحات الحكومية، بعد تلقيها عروضاً أقل من القيم العادلة لتلك الشركات.
وتعتزم الحكومة التركيز خلال المرحلة المقبلة على طرح المطارات للاستثمار، بهدف جذب عوائد مجزية مع الحفاظ على الأصول الاستراتيجية، وفق مصادر مطلعة على برنامج الطروحات الحكومية.
برنامج الطروحات: من الشركات إلى المطارات
كانت الحكومة قد أطلقت في الربع الأول من عام 2023 برنامجًا لطرح حصص في نحو 40 شركة وبنكًا موزعين على 18 قطاعًا حتى مارس 2024، قبل أن يتم تمديده إلى نهاية العام ذاته. وكان الهدف تحقيق عائدات تُقدّر بـ6.5 مليار دولار.

ورغم تنفيذ 21 صفقة خلال السنوات الثلاث الماضية بعائدات بلغت 6 مليارات دولار، بحسب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فإن الحكومة فضّلت حاليًا تأجيل الطروحات الجديدة للشركات، والتوجه نحو إتاحة الفرصة للقطاع الخاص لإدارة المطارات المصرية.
عزوف استثماري يدفع لتغيير الاستراتيجية
أوضحت المصادر لـ"تفصيلة"، أن العزوف الواضح من صناديق الاستثمار الأجنبية والعربية عن تقديم عروض تنافسية لشراء الشركات الحكومية، خاصة وسط التوترات الاقتصادية العالمية، كان من أبرز أسباب هذا التحول.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة تلقت عروضًا غير المرضية ماليًا، مما دفعها لإعادة ترتيب الأولويات.
وتابعت أن مؤسسة التمويل الدولية، التي تم تعيينها مستشارًا استراتيجيًا للبرنامج، حاولت الترويج لعدد من الشركات دون استجابة قوية من المستثمرين العالميين.
المطارات على رأس الأولويات
في ضوء هذا التوجه، وقّعت الحكومة في مارس الماضي اتفاقًا مع مؤسسة التمويل الدولية لدعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير 11 مطارًا.
ومن المنتظر أن يتم طرح مناقصة لإدارة مطار الغردقة الدولي خلال الربع الأخير من 2025، وفقًا لوزير الطيران المدني سامح الحفني، الذي شدد على أن الخطوة ليست بيعًا للأصول، بل ضمن خطة للتطوير.
طروحات الشركات مستمرة ولكن بأولويات جديدة
رغم التحول نحو المطارات، لا تزال الحكومة تحتفظ بخطط طرح عدد من الشركات في وقت لاحق، بينها شركات مملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية مثل: وطنية، وصافي وشل أوت، إضافة إلى شركات دوائية وغذائية، مع تحديد توقيتات مرنة وفق ظروف السوق.
وفي السياق ذاته، جمع طرح 30% من المصرف المتحد نحو 92 مليون دولار، ما يعكس إمكانات الطرح الجزئي دون بيع كامل الأصول.
صندوق النقد ومراجعة خامسة حاسمة
يتزامن التحول بمسار برنامج الطروحات الحكومية مع إجراء صندوق النقد الدولي للمراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، في ضوء اتفاق قرض تم رفعه إلى 8 مليارات دولار في ديسمبر 2022، مقابل تنفيذ إصلاحات تشمل الحد من دور الدولة في الاقتصاد وتعزيز القطاع الخاص.
وفي الأثناء، قال صندوق النقد إن المحادثات ما زالت جارية مع الحكومة المصرية بشأن السياسات والإصلاحات الاقتصادية المتبقية، في إطار الاستعداد لاستكمال المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
تركيز جديد على الإصلاح الهيكلي
أوضح الصندوق، في بيان، أن استقرار الاقتصاد الكلي في مصر بات أكثر رسوخًا، ما يمهّد الطريق للتركيز على تسريع وتوسيع نطاق الإصلاحات الهيكلية.
وتشمل هذه الإصلاحات: تقليص دور الدولة في الاقتصاد، وتعزيز تكافؤ الفرص، وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار الخاص.