رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

طلاق سن اليأس.. أزمة منتصف العمر الجديدة التي تهز الزيجات طويلة الأمد

طلاق سن اليأس
طلاق سن اليأس

بعد شيوع مصطلحات مثل «الطلاق الرمادي» و«الطلاق الصامت»، يبرز مصطلح جديد في أدبيات العلاقات الأسرية يعرف بـ «طلاق سن اليأس» (Menodivorce)، وهو نمط متزايد من الانفصال بين الأزواج في مراحل عمرية متقدمة، تحديدًا بين الأربعينيات والستينيات، فما الذي يقف وراء هذه الظاهرة؟ ولماذا تختار نساء كثيرات إنهاء زيجات استمرت لعقود؟

ما هو «طلاق سن اليأس»؟

يشير مصطلح Menodivorce إلى حالات الطلاق التي تقررها نساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث أو خلاله، عادة بين سن 45 و65 عامًا، بعد سنوات طويلة من الزواج. وغالبًا ما يأتي القرار عقب فترة من مراجعة الذات وإعادة تقييم الحياة والشراكة الزوجية.
وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة NOON في المملكة المتحدة، فإن واحدة من كل ثلاث نساء في هذه المرحلة العمرية تفكر جديًا في الطلاق، مع تأكيد كثيرات منهن الشعور بسعادة وحرية أكبر بعد الانفصال. وتشير البيانات إلى أن ما يقرب من نصف حالات الطلاق في منتصف العمر تبدأ بطلب من النساء، مدفوعات بتغيرات نفسية وهرمونية، ونظرة جديدة للحياة، ورغبة متزايدة في الاستقلال.

هل سن اليأس هو السبب؟

لا يُعد سن اليأس سببًا مباشرًا للطلاق، لكنه يعمل كـ«عدسة مكبرة» تُظهر المشكلات الزوجية القديمة التي تم تجاهلها أو التعايش معها لسنوات. ففي هذه المرحلة، تتراجع هرمونات مثل الإستروجين والبروجسترون، ما ينعكس في أعراض جسدية ونفسية كالهبات الساخنة، واضطرابات النوم، والعصبية، والقلق أو الاكتئاب.

هذه التغيرات تستنزف الطاقة العاطفية للمرأة، فتتحول الإحباطات التي كانت محتملة في السابق إلى أسباب كافية لإعادة النظر في استمرار الزواج. 

ومع كبر الأبناء ومغادرتهم المنزل، أو استقرار المسار المهني، يبرز سؤال مصيري: «هل ما زالت هذه الشراكة تعكس من أنا اليوم؟» وعندما تكون الإجابة بالنفي، يصبح الطلاق خيارًا مطروحًا.
حتى في مجتمعات محافظة، مثل الهند، حيث يُعد الاستمرار في زواج «ميت» أمرًا شائعًا، بدأت نساء كثيرات في كسر القواعد الاجتماعية، مدفوعات بزيادة الاستقلال المادي وتراجع الوصم المرتبط بالطلاق.

لماذا يتزايد طلاق سن اليأس؟

رغم أن انقطاع الطمث لا يسبب الطلاق بحد ذاته، فإنه يعزز الحاجة إليه لدى بعض النساء للأسباب التالية:

التحولات الهرمونية والمزاجية: تقلب المزاج والتعب يقللان من الصبر، ويكشفان الفجوات العاطفية وتلاشي القرب بين الزوجين.

البحث عن هوية جديدة: متلازمة «العش الفارغ» تجعل الزوجين يواجهان حقيقة علاقتهما دون أدوار الأبوة اليومية.

تراكم الاستياء عبر الزمن: مشكلات صغيرة مثل عدم العدالة في الأعباء المنزلية أو ضعف التواصل تتراكم حتى تصبح غير محتملة.

التمكين والاستقلال: تحسن الوضع المادي وتغير النظرة المجتمعية يمنحان النساء مساحة لاختيار تحقيق الذات بدل الاستمرار في علاقة غير مُرضية.

يمكن التعامل مع الظاهرة أو تجنبها؟
 

يرى خبراء العلاقات أن المواجهة المبكرة قد تُجنب الانفصال، من خلال:
حوار صادق ومتعاطف: مشاركة الشريك بما تمر به المرأة من تغيرات وأعراض دون اتهام، وبروح الفريق.

طلب الدعم المتخصص: الاستعانة بالعلاج النفسي أو الزوجي، أو مجموعات دعم سن اليأس، إلى جانب الاستشارة الطبية.

إعادة إحياء التقارب: توزيع عادل للمهام، والتخطيط لأنشطة مشتركة، وبناء لحظات تواصل بسيطة.

أولوية الصحة النفسية والجسدية: الرياضة، والنوم الجيد، والتأمل تساعد على صفاء الذهن واتخاذ قرارات أكثر اتزانًا.

في النهاية، يعكس «طلاق سن اليأس» تحولات أعمق في وعي المرأة بذاتها واحتياجاتها، ويطرح تساؤلات جادة حول شكل العلاقات الزوجية في منتصف العمر، بين الاستمرار والتجديد أو الرحيل.

تم نسخ الرابط