22 مليار جنيه خسائر.. لماذا شددت الدولة عقوبات سرقة التيار الكهربائي؟
تقدمت الحكومة بمشروع تعديل قانون الكهرباء لتغليظ عقوبات سرقة التيار، بعد أن تحولت الظاهرة إلى نزيف اقتصادي حقيقي يرهق الشبكة القومية ويكلف الدولة مليارات الجنيهات سنويًا، فالمشروع الذي ناقشه مجلس الشيوخ، جاء مدفوعًا ببيانات دقيقة تكشف حجم الأزمة، وسعيًا لإعادة الانضباط إلى أحد أهم المرافق الحيوية في البلاد.
وينص مشروع القانون على الحبس والغرامات التي قد تصل إلى مليوني جنيه، مع تشديد العقوبة إلى السجن في حالات التسبب بانقطاع التيار، فضلًا عن إلزام المخالفين برد مثلي قيمة الكهرباء المسروقة، في رسالة حاسمة بأن التعدي على التيار لم يعد بلا ثمن.

أزمة سرقة التيار الكهربائي
في هذا الصدد، أكدت صباح مشالي نائب وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن التعديل التشريعي لم يأت من فراغ، بل نتيجة متابعة ميدانية كشفت عن توسع خطير في الوصلات غير القانونية، التي لا تضر فقط بحقوق الدولة، وإنما تفرض أعباء إضافية على المواطنين الملتزمين بسداد فواتيرهم.
وأوضحت أن الوزارة تشرف على منظومة ضخمة تضم نحو 43 مليون مشترك عبر توصيلات رسمية، إلا أن الشبكة تعاني من استنزاف مستمر بسبب التعديات.
خسائر السرقة تتجاوز 22 مليار جنيه
بحسب البيانات الرسمية، وصل الفاقد في التيار الكهربائي إلى نحو 20% من إجمالي الإنتاج، ينقسم بين فاقد فني طبيعي وآخر ناتج عن السرقات، وتشير التقديرات إلى أن خسائر سرقة الكهرباء وحدها تتجاوز 22 مليار جنيه، أي ما يعادل 10% من إجمالي الفاقد، وانعكس في تحرير نحو 3.4 مليون محضر سرقة، مما يؤكد أن الإجراءات السابقة لم تكن كافية لتحقيق الردع المطلوب.

تحويل العدادات الكودية إلى الذكية
وأكدت مشالي بأن الاعتماد على العدادات الكودية كان حلًا مرحليًا فرضته الظروف، لكنه لم ينجح في القضاء على الظاهرة، ومع استمرار التلاعب اتجهت الدولة للتوسع في العدادات الذكية، باعتبارها أداة أكثر فاعلية لضبط الاستهلاك، ومنع التدخل غير المشروع، وتحقيق العدالة بين المشتركين.
وطمأنت نائب الوزير المواطنين بأن التعديل يراعي الفروق بين الاستخدام المنزلي والنشاط التجاري، حيث تحدد العقوبات وفقا لقدرة الأحمال، بما يضمن عدم مساواة الاستهلاك المحدود للمنزل بالاستهلاك الكثيف للأنشطة التجارية.
كما أوضحت أن الدعم يمثل الفجوة بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى 173 قرشًا لكل كيلووات ساعة.
استثمار خاص وعقوبات رادعة
في سياق متصل، أكدت نائب وزير الكهرباء أن قطاع الإنتاج أصبح مفتوحًا بالكامل أمام الاستثمار الخاص، مع تنفيذ جميع المشروعات الجديدة بواسطة القطاع الخاص، ووجود نحو 180 شركة تعمل في التوزيع.
وشددت على أن الدولة ستلاحق كل من يثبت تورطه في سرقة التيار، مع توثيق المحاضر بالصوت والصورة.





