رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

الرقابة المالية تؤكد: الاستقرار المالي وتمكين جيلي Z وألفا أولوية وطنية

الدكتور محمد فريد
الدكتور محمد فريد

أكد الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية، إلى جانب التوسع في استخدام التكنولوجيا المالية، كان لهما دور محوري في توسيع قاعدة المستفيدين من الأنشطة المالية غير المصرفية، وتمكين الشباب والمرأة من المشاركة الفعالة في سوق رأس المال وأنشطة التأمين والاستثمار.

جاء ذلك خلال الكلمة الرئيسية التي ألقاها الدكتور محمد فريد في قمة Top 50 Women STEM and Future Innovation Summit، والتي عُقدت تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء.

وأوضح رئيس الهيئة أن العمل العام يواجه تحديات معقدة نتيجة تشابك المصالح وتعدد الأطراف، وهو ما يتطلب اجتهادًا مستمرًا وبناء مرجعيات علمية ومهنية قوية، مؤكدًا أن التعليم المستمر، والتواصل مع التجارب الدولية، لا سيما في الدول المتقدمة، يمثلان عنصرًا حاسمًا لفهم الأسواق والتعامل مع المستثمرين والمؤسسات العالمية بلغة مشتركة.

وأوضح أن هناك اعتقادًا شائعًا لدى البعض بأنهم يدركون كل ما يقوم به العاملون في القطاع العام، إلا أن الواقع يخالف ذلك، مشيرًا إلى أن حجم وتعقيد المشكلات التي تواجه الجهات العامة يفرض ضرورة التواصل مع المواطنين وتعريفهم بالإصلاحات المنفذة، ومدى انعكاسها على حياتهم اليومية، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون امتلاك خلفيات علمية وخبرات متراكمة.

وأشار الدكتور محمد فريد، إلى أن مسيرته المهنية والشخصية تأثرت بعدد من النماذج الإنسانية والمهنية التي أسهمت في تشكيل رؤيته لقيمة العمل والمسؤولية العامة، موضحًا أن القدوة الأولى في حياته كان والده، السفير فريد صالح، الذي تعلم منه أن قيمة العمل لا ترتبط بمنصب أو موقع، وإنما بالالتزام والعطاء المستمر، وهو ما تجسد في اختياره مواصلة خدمة الوطن بعد خروجه من السلك الدبلوماسي من خلال العمل البرلماني.

وأوضح الدكتور محمد فريد أن الهيئة العامة للرقابة المالية تُعد من أكثر الجهات اتصالًا بالحياة اليومية للمواطنين، نظرًا لإشرافها على قطاعات تمس احتياجاتهم بشكل مباشر، من بينها التأمين الإجباري والتكميلي على السيارات، وصناديق التأمين والمعاشات الخاصة، وشركات الوساطة التأمينية، وشركات الخبرة الاكتوارية، إلى جانب صناديق الاستثمار.

صناديق الاستثمار في الذهب

وفي هذا الإطار، استعرض رئيس الهيئة تجربة صناديق الاستثمار في الذهب، موضحًا أنها انطلقت في عام 2023 من نقطة الصفر، ونجحت خلال فترة قصيرة في جذب استثمارات تتراوح بين 4 و5 مليارات جنيه، لما يقرب من 250 ألف مستثمر، بعضهم بدأ الاستثمار بمبالغ محدودة، وهو ما يعكس نجاح الهيئة في تحقيق أحد أهدافها الرئيسية، والمتمثل في ديمقراطية الاستثمار وإتاحة الفرصة أمام مختلف فئات المجتمع.

وأوضح أنه يتذكر وضع قطاع التأمين في عام 1999، والذي كان يعاني من انخفاض الأقساط التأمينية لتسجل أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وتحديدًا نحو 0.9%، وهو ما يُعد مؤشرًا على محدودية انتشار الخدمات التأمينية.

وأضاف أن متوسط معدلات الأقساط التأمينية في الأسواق الناشئة يتراوح بين 5 - 7%، بينما يتراوح في الأسواق المتقدمة بين 12% و15%، مشيرًا إلى أن القطاع كان يعاني آنذاك من نقص في عدد الاكتواريين، باعتبارهم من التخصصات الدقيقة، فضلًا عن صعوبة الوصول إلى الكوادر المؤهلة.

وأوضح أن أزمة الكوادر البشرية امتدت لتشمل المناهج الدراسية الخاصة بوسطاء التأمين، لافتًا إلى أن الأقساط التأمينية لم تشهد أي تحرك يُذكر حتى توليه رئاسة الهيئة في عام 2022، حيث ظل الوضع على حاله، وكما يُقال في اللغة العربية لم ينبس ببنت شفة.

وأكد فريد أنه لم يكن من المقبول الاستمرار في العمل بالمنهج ذاته القائم على الاكتفاء بإصدار بعض القرارات والتنظيمات، موضحًا أن الهيئة تبنّت توجهًا مختلفًا يقوم على تحديث المناهج والمعلومات باعتباره مدخلًا رئيسيًا للإصلاح الحقيقي.

وأوضح أن أي جهة رقابية مالية تنظر إلى الأسواق تضع هدفين أساسيين لا يجوز الحياد عنهما، أولهما تحقيق الاستقرار المالي باعتباره الهدف الأول لأي رقيب مالي، وثانيهما العمل على تنمية وتوسيع حجم الأسواق، مشيرًا إلى أن الإصلاحات التي تبنتها الهيئة استهدفت إحداث تأثير فعلي في قطاعات التمويل وسوق رأس المال وقطاع التأمين.

وأشار رئيس الهيئة إلى أن إدراك طبيعة الأجيال الجديدة، وعلى رأسها جيل  Z وألفا، كان منطلقًا رئيسيًا لهذه الإصلاحات، حيث لم يعد هذا الجيل يمتلك الرغبة أو الطاقة لإتمام الإجراءات التقليدية، مثل الانتقال إلى شركات السمسرة لإبرام التعاقدات. ومن هذا المنطلق، صدر القانون رقم 5 لسنة 2022 بشأن تنظيم استخدام التكنولوجيا في الأنشطة غير المصرفية، والذي أسهم في إحداث تأثير شامل على مختلف المنتجات في كافة الأسواق.

الاستثمار في البورصة

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور محمد فريد، أنه تم إدخال تعديلات سمحت للشباب بالاستثمار في البورصة، حيث كان متوسط عدد المستثمرين الجدد الذين يحصلون على أكواد تداول يتراوح بين 25 و29 ألف مستثمر سنويًا، قبل أن يرتفع إلى نحو 340 ألف مستثمر جديد في عام 2023، ثم 240 ألفًا في عام 2024، ليصل إلى 281 ألف مستثمر حتى شهر أكتوبر من العام الجاري، مؤكدًا أن هذه النقلة النوعية جاءت نتيجة السماح برقمنة إجراءات التعرف على العميل، إلى جانب حزمة من الإصلاحات القطاعية الأخرى.

وفيما يتعلق بقطاع التأمين، أشار رئيس الهيئة إلى الفجوة الواضحة في رؤوس الأموال، موضحًا أنه في عام 2007 كان الحد الأدنى لرأس مال البنوك يبلغ 500 مليون جنيه، مقابل 60 مليون جنيه لشركات التأمين، وفي عام 2020 ارتفع الحد الأدنى لرأس مال البنوك إلى 5 مليارات جنيه، في حين ظلت رؤوس أموال شركات التأمين عند مستوى 60 مليون جنيه دون تغيير.

قانون التأمين الموحد 

وأضاف أنه تم العمل على إصدار قانون التأمين الموحد، الذي دمج أربعة قوانين في إطار تشريعي واحد، وبعد مناقشات استمرت ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام، أسفر القانون عن رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات التأمين من 60 مليون جنيه إلى 750 مليون جنيه، بما يضمن إعادة رسملة هذه الشركات وتعزيز قدرتها على تحمل المخاطر وتطوير منتجاتها.

وأوضح أنه نتيجة لهذه الإصلاحات، بدأت بالفعل ثلاث إلى أربع شركات تأمين في إصدار وثائق تأمين لصناديق التأمين على السيارات الجديدة بالكامل، مع إمكانية إتمام الإجراءات بشكل رقمي من المنزل.

واختتم الدكتور محمد فريد كلمته بالتأكيد على أهمية تمكين المرأة والشباب، خاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، باعتبارهم الركيزة الأساسية لبناء مستقبل مالي أكثر كفاءة واستدامة

تم نسخ الرابط