في يوم وفاتها.. ذكرى الفنانة التي انتصر صوتها على الموت
لم تكن ذكرى مجرد مطربة موهوبة؛ كانت حالة فنية كاملة، صوتًا لا يشبه أحدًا، وقدرة استثنائية على تحويل الكلمات إلى مشاعر ملموسة، وبرغم الرحيل الصادم الذي أوقف حياتها فجأة، ظل صوتها يكمل الرحلة وحده أقوى من الموت، وأشد حضورًا من الغياب.
صوت يحمل بصمة لا تُخطئها الأذن
وُلدت ذكرى في تونس عام 1966، ومنذ بداياتها المبكرة لفتت الأنظار بقدرتها الصوتية النادرة؛ مدًى واسع، قوة ثابتة، إحساس عميق يلمس المستمع من أول جملة. في زمن امتلأ بالأصوات الكبيرة، استطاعت أن تحجز لنفسها مكانًا واضحًا، دون ضجيج أو ادّعاء.
كانت تؤدي اللون الطربي بثقة، وتُبدع في القصائد، وتتقن الأغنية العاطفية الخفيفة بنفس البراعة، وكلما غنّت، بدا واضحًا أن هذا الصوت أكبر من حدود بلده ومن عصره.
محطة مصر وأهم أغانيها التي صنعت حضورها
بعد انتقالها إلى القاهرة، اتسعت شهرتها مع أعمال لا تزال تُسمع حتى اليوم، منها:
“يوم ليك ويوم عليك”، “بحلم بلقاك”، “أكثر من روحي بحبك”، “أسف”.
أغانٍ كتبت لها مكانًا ثابتًا بين الأصوات العربية الخالدة، وأثبتت أن حضورها هو حضور الصوت قبل أي شيء آخر.
رحيل صادم وبداية حضور جديد
في 28 نوفمبر 2003، رحلت ذكرى في حادث مأساوي هزّ الوسط الفني والجمهور العربي.
بدا المشهد كأنه نهاية حكاية جميلة قُطعت قبل اكتمالها لكن لم يكن أحد يتوقع أن هذا الرحيل سيكون بداية مرحلة جديدة في تاريخها.
فبعد سنوات، ومع ظهور المنصات والسوشيال ميديا، عاد صوت ذكرى ليعلو من جديد، صارت أغانيها تتصدر “الترند”، وعاد الجيل الجديد يكتشفها وكأنها مطربة معاصرة.
لم يعد الناس يتحدثون عن الحادث المؤلم بقدر ما يتحدثون عن الأغاني وعن الصوت وعن الإحساس.
ولأن الفن الحقيقي لا يموت، بقيت ذكرى، بل ازدادت حضورًا، صارت جزءًا من قوائم الاستماع اليومية لشباب لم يشاهدوا مقابلة واحدة لها وهي حية، أصبح اسمها يُذكر مع كبار الطرب مثل أم كلثوم ووردة وأصالة، رغم أن مشوارها كان أقصر بكثير.