القاهرة تستضيف ملتقى مدن مستدامة بهوية عربية السبت.. رؤية عمرانية جديدة برعاية جامعة الدول العربية
تشهد القاهرة بعد غدٍ السبت انطلاق فعاليات ملتقى مدن مستدامة بهوية عربية، في حدث عربي واسع ينعقد على مدى يومين لبحث مستقبل المدن العربية وكيفية مواءمتها لمعايير الاستدامة مع الحفاظ على الهوية الثقافية والتراثية.
ويأتي ملتقى مدن مستدامة بهوية عربية بتنظيم اتحاد المهندسين العرب وبالتعاون بين هيئة مكاتب ومؤسسات الهندسة الاستشارية العربية وهيئة المعماريين العرب، تحت رعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في خطوة تؤكد الاهتمام المتزايد بالتخطيط الحضري العربي.
تشكل استضافة نقابة المهندسين المصرية للملتقى منصة تجمع محافظين ومسؤولين وخبراء عرب، من بينهم الدكتور أيمن الشهابي محافظ دمياط، والدكتور عادل الحديثي الأمين العام لاتحاد المهندسين العرب، وفائد مصطفى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية لشئون فلسطين والأراضي العربية المحتلة، والمهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين المصريين، والمهندس عمار موسى كاظم أمين العاصمة العراقية بغداد، إضافة إلى رؤساء النقابات الهندسية وعدد من المسؤولين من مصر والعالم العربي.
طرح شامل لقضايا الاستدامة والهوية
يعرض ملتقى مدن مستدامة بهوية عربية، وفق ما أكده الدكتور عادل الحديثي، مجموعة واسعة من القضايا التي ترتبط مباشرة بمستقبل المدن العربية.
يشدد الحديثي على أن دمج التراث الثقافي في التخطيط العمراني يشكل محورًا أساسيًا داخل النقاشات، باعتبار أن الحفاظ على الموروث المعماري يمثل خطوة ضرورية لحماية الهوية العربية وضمان استمرارها في ظل التطور العمراني المتسارع.
يعالج الملتقى أهمية استخدام المواد المحلية والمستدامة في البناء، عبر تشجيع اعتماد المواد الطبيعية والتقنيات التقليدية الملائمة لطبيعة المناخ العربي، وهي رؤية تتيح بناء منشآت محافظة على الطابع المحلي وموائمة لمتطلبات البيئة.
ويبرز دور السياحة الثقافية المستدامة في دعم الاقتصادات العربية من خلال حماية الطابع العمراني التراثي للمدن التاريخية.
رؤية واضحة للبنية التحتية الذكية
يتناول ملتقى مدن مستدامة بهوية عربية، وفق الحديثي ضرورة توطين مفهوم البنية التحتية الذكية داخل المدن العربية.
تعمد الجلسات إلى تشجيع النقل الذكي وتوسيع اعتماد وسائل النقل العام والمشي والدراجات، بجانب تطوير أنظمة النقل الحديثة باعتبارها حلولًا أساسية لتقليل الازدحام وخفض الانبعاثات.
وتشمل المحاور إدارة النفايات عبر تبني آليات مبتكرة لإعادة التدوير وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد، بما ينسجم مع التوجه العالمي نحو الاقتصاد الدائري المعتمد على الحد من الفاقد وتعظيم الاستفادة من المخلفات.
كما يتناول المشاركون تعزيز البنية التحتية الخضراء من خلال زيادة الرقعة الخضراء داخل المدن بغرض تحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة في مواجهة التغير المناخي.
مناقشة التحديات البيئية الراهنة
يركز الحديثي على أن التغيرات المناخية ستأخذ مساحة كبيرة من النقاشات داخل الملتقى، نظرًا لكونها أحد أبرز التحديات التي تواجه المدن العربية المعرضة بشكل متزايد لموجات الحر، وشح المياه، والتقلبات المناخية القاسية.
يعرض الخبراء آليات عملية للتكيف مع الظروف الجديدة، عبر تبني خطط تهدف إلى تخفيف الآثار وتقليل حدتها.
وتتضمن الجلسات نقاشات حول إدارة الموارد المائية وطرح حلول مبتكرة للتعامل مع ندرة المياه، بما يشمل إعادة التدوير، رفع كفاءة الاستخدام، واعتماد تقنيات حديثة في المعالجة.
وتتناول الجلسات كذلك طرق الحد من التلوث الهوائي والمائي وتلوث التربة، وطرح نماذج عربية ناجحة يمكن الاستفادة منها وتعميمها.
اهتمام خاص بالطاقة المتجددة
يؤكد الحديثي أن ملتقى مدن مستدامة بهوية عربية، يولي اهتمامًا كبيرًا لإمكانيات الطاقة المتجددة في العالم العربي، من خلال استكشاف آفاق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من المصادر النظيفة التي تمتلك الدول العربية ميزة طبيعية فيها.
وتشكّل هذه الجهود جزءًا من رؤية أوسع نحو مدن عربية صديقة للبيئة تعتمد على مصادر طاقة آمنة ومستدامة.
الحفاظ على التراث وتعزيز الهوية
يبرز الحديثي أهمية ربط التنمية العمرانية الحديثة بجذور المدن العربية وهويتها الثقافية.
يطرح الملتقى رؤية تهدف إلى دمج العناصر التراثية داخل التصاميم الحديثة، بما يخلق مدنًا معاصرة تحمل روح المكان وتحافظ على تاريخها وحضورها الثقافي.
ويعد الملتقى وفق ما ذكر منصة حيوية لتبادل الخبرات والمعرفة بين المهندسين والمخططين الحضريين والخبراء في مختلف المجالات، بما يتيح صياغة رؤى جديدة للتعامل مع التحديات المستقبلية.
بناء شراكات وبرامج عمل عربية مشتركة
يسعى ملتقى مدن مستدامة بهوية عربية، إلى تأسيس شراكات فاعلة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، من أجل تطوير سياسات واستراتيجيات تعزز التنمية المستدامة في المدن العربية.
وتشمل أهدافه تقديم توصيات عملية لصناع القرار، وطرح حلول قابلة للتنفيذ في قضايا الطاقة والمياه والنقل والصرف الصحي، بما يضمن تطوير مدن عربية قادرة على التكيف مع المتغيرات.
ويختتم الحديثي تأكيده على ضرورة رفع الوعي المجتمعي حول الاستدامة وتشجيع مشاركة المواطنين في جهود البناء والتنمية، باعتبار أن تحقيق مدن مستدامة بهوية عربية يحتاج تعاونًا شاملًا بين جميع الأطراف.

