بابا الفاتيكان يبدأ أولى زياراته الخارجية من تركيا… رسالة سلام تمتد من أنقرة إلى بيروت
تشهد تركيا اليوم حدثًا دينيًا وسياسيًا بارزًا مع وصول بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر في أول رحلة خارجية له منذ توليه المنصب، تنفيذًا لخطط البابا الراحل فرنسيس لإحياء ذكرى أرثوذكسية تاريخية، وحملًا لرسالة سلام إلى منطقة تعيش واحدة من أكثر لحظاتها حساسية في ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا وتزايد التوترات في الشرق الأوسط.
زيارة تحمل أبعادًا دينية وسياسية
وصل البابا ليو الرابع عشر إلى أنقرة الخميس، حيث تبدأ زيارته الأولى خارج الفاتيكان، في خطوة تحمل رمزية كبيرة تعكس استمرار توجهات البابا فرنسيس نحو الحوار بين الكنائس وتعزيز التواصل مع الشرق.
وتجسد الزيارة رغبة الفاتيكان في دعم الجهود الدولية الهادفة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى محاولة تخفيف الاحتقان في الشرق الأوسط عبر رسائل مباشرة للقيادات السياسية والدينية في المنطقة.
لقاءات رفيعة المستوى في أنقرة
يفتتح بابا الفاتيكان زيارته بلقاء رسمي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ثم يلقي كلمة أمام أعضاء السلك الدبلوماسي في أنقرة، في خطاب يُتوقّع أن يركز على قضايا السلام والعدالة والتعاون الإقليمي.
وتشير التوقعات إلى أن البابا سيستخدم اللغة الإنجليزية في خطابه، في خروج نادر عن العادة البابوية التي تعتمد غالبًا على الإيطالية في مثل هذه الجولات الخارجية.
إسطنبول محطة للحوار والتقارب الديني
يتوجه بابا الفاتيكان لاحقًا إلى إسطنبول لحضور سلسلة اجتماعات مسكونية تستمر ثلاثة أيام، تشمل حوارات بين الأديان ولقاءات مع قيادات دينية بارزة.
وتأتي هذه اللقاءات في إطار الاحتفال بمرور 1700 عام على مجمع نيقية الأول، الذي أسس لواحد من أهم النصوص العقائدية في المسيحية، وهو قانون الإيمان المستخدم حتى اليوم لدى أغلب الكنائس حول العالم.
ويشير اختيار تركيا ذات الأغلبية المسلمة كوجهة أولى إلى رغبة البابا في تعزيز جسور الحوار مع المجتمعات غير المسيحية، وإرسال رسالة تفيد بأن الانفتاح بين الأديان يمكن أن يُشكّل ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي.
القدس والشرق الأوسط في خلفية المشهد
يتوقع مراقبون أن تُهيمن قضايا السلام على خطابات بابا الفاتيكان، خصوصًا في ظل الزيارة المقررة إلى لبنان يوم الأحد المقبل، حيث يعيش أكبر تجمع مسيحي في الشرق الأوسط.
وتكتسب الرحلة أهمية إضافية بعد التطورات الأمنية الأخيرة، إذ قتلت إسرائيل قبل أيام القيادي العسكري في حزب الله هيثم علي الطبطبائي في غارة جوية على الضاحية الجنوبية ببيروت، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع العام الماضي بوساطة أميركية.
إجراءات أمنية مشددة قبل التوجه إلى لبنان
يؤكد المتحدث باسم الفاتيكان ماتيو بروني أن التحضيرات الأمنية جارية لضمان سلامة البابا خلال وجوده في لبنان، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وتأتي الزيارة في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات متراكمة تشمل استقبال مليون لاجئ سوري وفلسطيني، بالإضافة إلى أزمته الاقتصادية المستمرة منذ سنوات.
آمال لبنانية بتسليط الضوء الدولي
يأمل القادة اللبنانيون أن تمنح الزيارة البابوية بلادهم دفعة جديدة على الساحة الدولية، وأن تلفت أنظار العالم إلى الاحتياجات الإنسانية والسياسية الملحّة داخل لبنان.
وتشكل زيارة بابا الفاتيكان المرتقبة لحظة محورية للبلاد، خاصة في ظل رغبة اللبنانيين في استعادة دورهم الروحي والتاريخي كملتقى للأديان وموطن للتنوع الديني في المنطقة.

