صدام سياسي يشتعل في بيروت.. حزب الله يتهم حكومة لبنان بـ"التنازل لإسرائيل"
تشهد الساحة اللبنانية احتداماً سياسياً غير مسبوق، بعدما صعد حزب الله لهجته تجاه الحكومة اللبنانية، متهماً إياها بالسير في طريق تنازلات خطير لمصلحة إسرائيل.
موقف حزب الله جاء في لحظة شديدة الحساسية داخلياً وإقليمياً، حيث تتكثف الضغوط الدولية، وتتوالى الدعوات الأميركية للدفع نحو مفاوضات مباشرة بين بيروت وتل أبيب.
المشهد اللبناني يبدو مفتوحاً على احتمالات سياسية واسعة، مع ارتفاع مستوى الخطاب والتحذيرات المتبادلة.
اتهامات مباشرة من حزب الله للحكومة اللبنانية
تصريحات أمين عام حزب الله، نعيم قاسم، جاءت لتعلن مواجهة مفتوحة مع الحكومة، بعدما اعتبر أن التفاوض مع إسرائيل وقبول بنود الورقة التي قدّمها الموفد الأميركي توم برّاك يمثلان تنازلاً غير مقبول.
أكد قاسم خلال احتفال حزبي أن أي خطوة رسمية نحو الحوار مع إسرائيل تُعد خطأً سترتكبه الحكومة، مشدداً على رفض الحزب المطلق لما وصفه بـ”مسار التنازلات”.
انتشار الجيش جنوب الليطاني يوصف بـ"التنازل"
رأى قاسم أن انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني تحت وطأة الغارات الإسرائيلية يشكل تنازلاً إضافياً.
قدّم موقفه باعتبار أن ما يحدث خضوع تدريجي للضغوط، محذراً من أن الحزب لن يسمح بفرض وقائع جديدة في الجنوب.
حزب الله يعلن نفسه شريكاً أساسياً في القرار الوطني
أعلن قاسم أن حزب الله يمثل شريحة واسعة من الشعب اللبناني وله موقع وازن في المعادلة السياسية، مؤكداً أن أحداً لا يمكنه تجاهل قوة الحزب أو إملاء شروط خارجية تتعارض مع خياراته.
أشار إلى أن الحزب لن يقبل أن تُمنح إسرائيل مساحة للتحرك داخل لبنان “كما تشاء”، وفق تعبيره.
تحذيرات من عدوان موصوف ورفض للإجراءات المالية
اعتبر قاسم أن لبنان يتعرض لـ"عدوان موصوف ابتدائي" يستهدف السيطرة على قراره الداخلي.
وجّه رسالة مباشرة إلى حاكم مصرف لبنان، داعياً إياه إلى وقف الإجراءات المالية التي يرى الحزب أنها تضيق عليه.
أضاف أن الولايات المتحدة تخرب حياة اللبنانيين وتشكل مصيبة يومية على مستوى الاقتصاد والمعيشة، محذراً من خطورة الوصاية الأميركية على لبنان.
دفاع قوي عن نبيه بري
هاجم قاسم الجهات السياسية التي تستهدف رئيس مجلس النواب نبيه بري، واصفاً الهجوم عليه بأنه “آثم” ولا يستند إلى مبرر سياسي حقيقي.
أكد أن هذه الحملات تهدف، بحسب رأيه، إلى تمهيد الطريق أمام تدخلات خارجية تسعى للسيطرة على القرار اللبناني عبر استدعاء الوصاية الأجنبية.
موقف الحكومة: السلاح بيد الدولة وحدها
شهد الأسبوع الماضي جولة جديدة من مواقف رسمية حملت رسالة مضادة لحزب الله.
أكّد رئيس الحكومة نواف سلام ضرورة تثبيت مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، مشيراً خلال ظهوره في قمة لبنان للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إلى وجود دعم عربي ودولي لانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية ووقف العدوان.
أعلن سلام أن الدولة استعادت قرار الحرب والسلم، في رد واضح على اعتراضات حزب الله ورفضه مشاركة لبنان في أي مسار تفاوضي مع إسرائيل.
رسالة مفتوحة ورفض قاطع للتفاوض
وجّه حزب الله رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب نبيه بري، معلناً رفضه أي تفاوض بين لبنان وإسرائيل.
أكد الحزب أن الأولوية ليست الجلوس على طاولة الحوار بل وقف العدوان فوراً.
جاء موقفه عقب تأكيدات متكررة من الرئيس عون حول استعداد لبنان للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي لحل الملفات العالقة، رغم إشارته إلى أن إسرائيل ردّت على هذه الدعوات بتصعيد عملياتها العسكرية في الجنوب.
ضغوط أميركية لإطلاق مفاوضات مباشرة
شهدت الأيام الأخيرة نشاطاً دبلوماسياً لافتاً من قبل الموفد الأميركي توم براك، الذي دعا بيروت إلى الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
يرى مراقبون أن هذه الضغوط تشكل جزءاً من مسار أميركي يسعى إلى تثبيت ترتيبات جديدة على الحدود الجنوبية، وسط استمرار التوترات العسكرية.
خلاصة المشهد
يتضح من تداخل المواقف أن لبنان يقف أمام مفترق طرق سياسي وأمني حرج، حيث تتمسك الحكومة بمسار الدولة ورفض السلاح خارج إطارها، فيما يصرّ حزب الله على مواجهة ما يصفه بـ"التدخلات الخارجية" ومنع أي تفاوض مع إسرائيل.
يبقى المشهد مفتوحاً على تطورات قد ترفع مستوى المواجهة السياسية، مع استمرار الضغوط الدولية وتصلب المواقف الداخلية.


