سباق قرارات في مجلس الأمن.. مشروع أميركي لقوة دولية ومجلس سلام بغزة في مواجهة طرح روسي منافس
يتصاعد التوتر الدبلوماسي داخل مجلس الأمن قبل التصويت المنتظر على مشروع قرار أميركي يهدف لإعادة تشكيل المشهد السياسي والأمني في غزة.
ويشهد مجلس الأمن سباقاً بين واشنطن وموسكو، حيث تدفع الأولى نحو تشكيل قوة استقرار دولية ومجلس سلام انتقالياً، بينما تطرح الثانية مسودة مختلفة تعيد التركيز على دور الأمم المتحدة التقليدي.
وتتجه الأنظار إلى جلسة الاثنين، وسط تحذيرات من انهيار وقف إطلاق النار واستمرار حالة عدم اليقين السياسي.
مشروع أميركي يربط خطة ترامب بمرحلة جديدة في غزة
يدفع الوفد الأميركي نحو تمرير مشروع قرار يضع خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام في غزة ضمن إطار أممي رسمي.
وتدعو الولايات المتحدة ومعها مصر وقطر والسعودية وتركيا مجلس الأمن إلى «الإسراع» في اعتماد النص باعتباره خطوة تعزز الاستقرار.
وتؤكد واشنطن وشركاؤها في بيان مشترك أن هذه المبادرة تمثل «جهداً صادقاً» يوفر مساراً عملياً نحو السلام، ليس فقط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل على امتداد المنطقة.
تستند المسودة إلى وقف إطلاق النار الساري منذ عامين بين إسرائيل وحماس، مع التأكيد على أنه بحاجة إلى مظلة سياسية وأمنية تضمن استمراريته.
ويأتي هذا التحرك الأميركي بعد أسبوع من إطلاق مفاوضات رسمية داخل المجلس، لإقرار نص يُعد امتداداً للخطة الأميركية الهادفة إلى إنهاء حالة الجمود المستمرة.
مجلس سلام بولاية ممتدة حتى 2027
يرحب مشروع القرار بإنشاء كيان سياسي جديد تحت مسمى «مجلس السلام»، وهو هيئة انتقالية لتسيير شؤون غزة، يفترض أن يتولى ترامب رئاستها من الناحية النظرية. وتحدد المسودة مدة ولايته حتى نهاية عام 2027، في خطوة تهدف إلى ضمان إدارة انتقالية مستقرة تمهد لتسوية نهائية.
يعكس هذا المقترح رغبة أميركية في خلق إطار سياسي بديل يتجاوز الهياكل التقليدية، ويمنح الأطراف الدولية مساحة أكبر للتأثير في مسار المرحلة المقبلة.
ويطرح المشروع فكرة بناء جهاز إداري يخضع لرقابة دولية ويعمل على إعادة هيكلة القطاع أمنياً وسياسياً.
تفويض قوة استقرار دولية تعمل مع إسرائيل ومصر
يمنح النص الأميركي تفويضاً للدول الأعضاء لتشكيل «قوة استقرار دولية مؤقتة» تتولى العمل مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المدربة حديثاً لتأمين الحدود ونزع السلاح داخل القطاع.
وتظهر هذه القوة باعتبارها أحد أهم العناصر الجديدة، إذ تُقدَّم كضمانة لعدم تجدد التصعيد العسكري وضبط المناطق الحدودية.
ويشير القرار بشكل علني إلى إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلية، وهو تطور لافت مقارنة بمسودات أميركية سابقة امتنعت عن إدراج هذا البند. ويبدو أن هذه الإشارة تأتي لطمأنة أطراف إقليمية ودولية لا تزال تشكك في نيات واشنطن وخطة ترامب.
موسكو تدخل على الخط بمشروع منافس
تعزز روسيا حضورها داخل مجلس الأمن عبر طرح مشروع قرار بديل، يسقط فكرة «مجلس السلام» ولا يدعو إلى الانتشار الفوري لقوة دولية في غزة.
ويرحب المشروع الروسي بوقف إطلاق النار لكنه لا يذكر ترامب بالاسم، ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم خيارات لتنفيذ بنود السلام وتقييم إمكانية نشر قوة استقرار داخل القطاع.
ويتضمن الطرح الروسي رؤية مختلفة، تعيد الثقل إلى دور الأمم المتحدة بعيداً عن الهياكل الجديدة التي تقدمها واشنطن.
ويُفهم من المسودة أن موسكو ترفض إعطاء الولايات المتحدة قيادة مباشرة للمرحلة الانتقالية، مفضلة إطاراً أممياً أكثر حياداً.
تحذيرات أميركية من فشل تبني المشروع
تعكس تصريحات المندوب الأميركي مايك والتز حجم الضغط الذي تمارسه واشنطن.
ويكتب في صحيفة «واشنطن بوست» أن أي رفض لمشروع القرار سيكون «تصويتاً لاستمرار حكم حماس أو للعودة إلى الحرب مع إسرائيل». ويؤكد أن أي انحراف عن المسار المقترح سيحمل «تكلفة بشرية حقيقية»، في إشارة واضحة إلى خطورة المرحلة.
وتشير واشنطن إلى هشاشة الوضع الأمني في غزة، معتبرة أن وقف إطلاق النار القائم «هش» وقد ينهار من دون غطاء سياسي واضح.
وتظهر هذه التحذيرات كمحاولة لدفع الدول الأعضاء إلى تبني النص قبل أي تطور ميداني يعيد توتير المشهد.
أسئلة معلّقة حول آليات المراقبة ودور السلطة
تكشف مصادر دبلوماسية عن وجود تساؤلات عدة تخص النص الأميركي، أبرزها غياب آلية رقابية واضحة يشرف عليها مجلس الأمن، إلى جانب عدم تحديد الدور المتوقع للسلطة الفلسطينية في المرحلة الانتقالية، فضلاً عن غموض يتعلق بتفويض قوات الأمن الإسرائيلية داخل القطاع.
وتشير البعثة الروسية إلى أن مشروعها البديل يستند إلى الاعتراف بمبدأ «حل الدولتين» كمرجعية أساسية للتسوية، مع إبقاء إدارة المرحلة بيد الأمم المتحدة لا بيد هياكل جديدة.

