رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

انسحابات تكتيكية أم تخلي؟ خبير سوداني يكشف لـ تفصيلة أسباب خروج الجيش السوداني من المدن

انسحاب الجيش والسودانيين
انسحاب الجيش والسودانيين على شفا المجاعة

يثير انسحاب القوات المسلحة السودانية من بعض المدن دون إجلاء السكان أسئلة ملحة في الأوساط السياسية والشعبية، خصوصًا بين مناوئي الجيش السوداني الذين يعتبرون هذه الخطوة غامضة وموضع جدل. 

يقدم الخبير الاستراتيجي السوداني أمية يوسف حسن أبوفداية تفسيرًا دقيقًا لهذا السلوك العسكري، مستندًا إلى طبيعة الحرب غير التقليدية التي تعيشها البلاد، وتحديات الميدان المعقدة التي لا يفهمها الكثيرون خارج المؤسسة العسكرية.

طبيعة الحرب الحالية تفرض قواعد مختلفة

تتسم الحرب السودانية وفق الخبير بغياب الخطوط الواضحة وتداخل الجبهات، ما يجعل التحركات العسكرية غير خاضعة للأنماط التقليدية. 

يوضح أبوفداية أن فهم سياق العمليات شرط أساسي قبل الحكم على الانسحابات، لأن الجيش السوداني يقاتل في بيئة لا يمكن فيها التمييز بين المدني والمقاتل بسهولة نتيجة انتشار الخلايا النائمة وتعدد الجهات المسلحة.

الانسحاب العسكري إجراء تكتيكي وليس هزيمة

يكشف الخبير أن الانسحاب لا يعني فقدان السيطرة أو السقوط الميداني، بل يمثل خطوة تكتيكية تهدف إلى إعادة التموضع وترتيب الصفوف. 

تؤكد الوقائع الميدانية أن العديد من الانسحابات في ولايات مثل الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض ونهر النيل أعقبتها عمليات هجومية ناجحة أعادت التوازن لصالح الجيش السوداني.

يشير أبوفداية إلى أن القرار يُتخذ من أعلى مستويات القيادة بناءً على تقديرات عملياتية دقيقة، ولا يُعلن حتى داخل المؤسسة العسكرية لضمان السرية ومنع تسرب المعلومات.

إجلاء المدنيين مخاطرة تكشف النوايا وتضر بالجيش السوداني

يشرح الخبير أن إجلاء السكان يتطلّب تحركات مكشوفة وإعلانًا مسبقًا، ما يسمح للمليشيات بنصب الكمائن واستهداف القوات أثناء الانسحاب. 

وجود عناصر متعاونة مع المليشيات داخل المدن يجعل أي عملية إجلاء واسعة خطأ استخباراتيًا قد يفتح الباب لكارثة.

يرى أبوفداية أن المدنيين يصبحون أهدافًا مباشرة عند تحركهم مع القوات المسلحة، لأن المليشيات تعتبر كل من كان في منطقة تابعة للجيش خصمًا محتملًا. 

بقاء المدنيين في أماكنهم، رغم قسوة الظروف، قد يكون أكثر أمانًا من الانتقال عبر طرق مكشوفة.

الانسحاب جزء من استراتيجية إعادة التموضع

تضع العقيدة العسكرية الحديثة الانسحاب ضمن عمليات “إعادة التموضع”، وهي مناورة تتيح للجيش تقليل الخسائر، وحماية القوة القتالية، والاستعداد لهجمات مضادة أكثر دقة. 

يشدد الخبير على أن هذه الخطوات محسوبة بدقة ولا تُتخذ إلا لحماية القوات والدفع نحو نتيجة استراتيجية طويلة المدى.

مطالب إجلاء المدنيين تتجاهل واقع الحرب وتعقيداتها

يرى أبوفداية أن أصوات المطالبين بإجلاء المدنيين لا تدرك حجم التحديات العملياتية.

العمليات العسكرية تتطلب سرعة وسرية وانضباطًا، ولا يمكنها الالتزام بنقل المدنيين وسط بيئة قتال مفتوحة تهيمن عليها المليشيات والكمائن.

يشدد الخبير على أن حماية الدولة على المدى الاستراتيجي تأتي في مقدمة أولويات الجيش السوداني، حتى لو تطلّب الأمر اتخاذ قرارات صعبة تُفهم خطأ من الجانب السياسي أو الشعبي.

القوات المسلحة تبقى الضامن الأخير لاستقرار البلاد

يختتم أبوفداية حديثه بتأكيد أن الجيش السوداني يمثل الحصن الأخير أمام التفكك والانهيار، وأن قراراته الميدانية تُبنى على اعتبارات مهنية ترتبط باستعادة الدولة وحماية المواطنين من الفوضى والحرب بالوكالة.

الانسحابات ليست تنازلات، بل حلقات في سلسلة عمليات تهدف إلى استعادة المبادرة الميدانية وحماية السودان من مصير أسوأ.

تم نسخ الرابط