توت عنخ آمون يستعد لاستقبال 44 زعيمًا وملكا في المتحف المصري الكبير
بعد أكثر من ثلاثة آلاف عام على رحيله، يعود الملك الذهبي "توت عنخ آمون" ليكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الحضارة، حيث يستعد غدًا من مقره الملكي الجديد داخل المتحف المصري الكبير لاستقبال 44 رئيسًا وملكا وزعيمًا من مختلف دول العالم، في حفل الافتتاح الأسطوري الذي سيعد حدثًا فارقًا في تاريخ التراث العالمي والمصري.

إطلالة جديدة للملك الذهبي
فبعد مرور أكثر من قرن على اكتشاف مقبرته بوادي الملوك في الرابع من نوفمبر عام 1922، يطل الملك الشاب مجددًا على عشاقه من جميع القارات، ولكن هذه المرة في أبهى صوره، محاطًا بكل ما تركه من كنوز ومقتنيات أصلية، تعرض كاملة لأول مرة في قاعة مخصصة تمتد على مساحة 7500 متر مربع، مزودة بأحدث تقنيات العرض المتحفي التي تحفظ القطع الأثرية بدرجة حرارة وإضاءة دقيقة، تليق بفرعون لا يزال يدهش العالم منذ أكثر من مائة عام.

الرؤساء والملوك في حضرة توت عنخ آمون
فمنذ استقباله أول ضيوفه في مقره السابق بالمتحف المصري بالتحرير، شكل توت عنخ آمون نقطة جذب لملوك ورؤساء العالم، حيث وقف أمامه منذ ستينيات القرن الماضي قادة الدول والزعماء منبهرين بعظمة الملك الشاب.
ومن أبرز من زاروا توت عنخ آمون: أحمدو أهيدجو رئيس الكاميرون عام 1962، وديوري هاماني رئيس النيجر، ورئيس المحكمة العليا الأمريكية إيرل وارن وزوجته نينا إليزابيث عام 1963، مرورًا بعبدالسلام عارف رئيس العراق، وتشو إن لاي رئيس وزراء الصين، وشارل ديجول الذي زار معرض مقتنياته في باريس عام 1967.
كما شهدت قاعته زيارات ملكية لافتة، أبرزها زيارة الملكة إليزابيث الثانية في مارس 1972 خلال عرض مقتنياته في لندن، وحرصها على التوقف طويلًا أمام قناعه الذهبي الذي أصبح أيقونة خالدة للحضارة المصرية.
وفي سبعينيات القرن الماضي، زاره هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي، ثم زوجته نانسي كيسنجر التي جاءت لاحقًا لتشاهد بنفسها عبقرية الفن المصري القديم.
ولم تتوقف القائمة عند هذا الحد، فقد كان من بين زواره الدوق هنري جان دوق لوكسمبورج وزوجته الدوقة جوزفين شارلوت، وكذلك فرح ديبا حرم شاه إيران، وروث كارتر شقيقة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.

الأميرة ديانا أمام الملك الشاب
من بين أشهر الوجوه التي وقفت أمام قناع الملك الذهبي كانت الأميرة الراحلة ديانا أميرة ويلز، التي أمضت أكثر من خمس ساعات في قاعة توت عنخ آمون عام 1992، متأملة تفاصيل الحياة والموت لدى المصريين القدماء، معبرة عن دهشتها من تقدمهم العلمي وسر التحنيط الذي لا يزال يحير العلماء حتى اليوم.
وفي التسعينيات، زاره الرئيس الصيني جيانج زيمين الذي وصف الكنوز بأنها «رسالة من حضارة أرادت أن تخلد نفسها عبر الزمن»، في إشارة إلى براعة المصريين القدماء في الفن والهندسة والرمز.

المقر الملكي الأخير
وبعد انتقاله إلى مقره الجديد بالمتحف المصري الكبير، يقف الملك الذهبي في انتظار ضيوفه الجدد من قادة العالم، في قاعة تعد الأضخم من نوعها، وتضم 107 لوحات عرض تحتوي على جميع مقتنياته الأصلية التي انتهى مركز ترميم الآثار من تجديدها وترميمها بعناية فائقة.

قناع توت عنخ آمون
ويعد القناع الذهبي لتوت عنخ آمون قطعة فنية لا مثيل لها في التاريخ، حيث يبلغ ارتفاعه 54 سم ووزنه 11 كيلوجرامًا من الذهب الخالص، تتداخل فيه أحجار اللازورد والعقيق والكوارتز والأوبسيديان لتجسّد ملامح الملك بغطاء الرأس ولحيته المعقوفة التي ترمز إلى الألوهية، فيما تحميه الإلهتان "واجيت" و"نخبت" المنقوشتان على الجبهة.

توت عنخ آمون يستقبل ملوك الحاضر
وخلال الساعات المقبلة، سيشهد العالم افتتاح المتحف المصري الكبير رسميًا، في حفل يحضره أكثر من 44 زعيمًا وملكا ورئيس حكومة، ليكون الملك توت عنخ آمون في صدارة المشهد، يستقبل بنفسه ملوك الحاضر كما استقبل ملوك الماضي، من قلب الجيزة، على بعد خطوات من أهرام أجداده، ليعلن للعالم أن الحضارة المصرية لا تزال حية تنبض بالفن والعظمة، وتكتب من جديد فجرا ذهبيًا في تاريخ الإنسانية.





