دير جبل الطير بسمالوط.. أقدم كنيسة أثرية منحوتة في صخر المنيا
يعد دير السيدة العذراء بجبل الطير بمدينة سمالوط بمحافظة المنيا، واحدا من أقدم وأهم المواقع الأثرية والدينية في مصر، وأبرز محطات مسار رحلة العائلة المقدسة، التي مرت بمحافظة المنيا ومكثت بها نحو ثلاثة أيام قادمة عبر نهر النيل.
ويقع الدير على قمة جبل مرتفع شرق نهر النيل، في موقع فريد يطل على النهر مباشرة، ويمنح الزائرين مشهدا طبيعيا مهيبا يجمع بين عراقة التاريخ وروحانية المكان.
تاريخ عريق ومكانة دينية
ترجع الكنيسة الأثرية داخل الدير إلى القرن الرابع الميلادي، حيث قامت ببنائها القديسة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين، عام 328م، وتعد من أقدم الكنائس الأثرية بمحافظة المنيا.
وتتميز الكنيسة بأنها منحوتة بالكامل داخل صخر الجبل، ما يمنحها طابعًا معماريًا فريدًا يندر وجوده في كنائس أخرى.
ويعرف الجبل باسم «جبل الطير» بسبب تجمع آلاف الطيور عليه خلال مواسم الهجرة، بينما تشير بعض الروايات القديمة إلى تسميته سابقا بـ«جبل الكف»، ارتباطا بقصص تراثية عن مرور العائلة المقدسة بالمكان.
أبرز معالم الدير
تضم الكنيسة الأثرية صحنا وثلاثة أجنحة وخورس يتقدم الهيكل، وعلى جانبيه حجرتان جانبيتان، ويتوسط الصحن حوض اللقان، بينما نفذت المعمودية الأثرية داخل أحد الأعمدة الحجرية الكبيرة، وهو تصميم نادر يميز الكنيسة عن غيرها.
كما تضم الكنيسة هيكلا أثريا منحوتا في الصخر يحتوي على المذبح، إضافة إلى أيقونات قبطية قديمة تحمل آثار الزمن، وتعد شاهدا حيا على تاريخ المسيحية المبكر في صعيد مصر.
وتقع المغارة المقدسة في الجهة الجنوبية الشرقية من الكنيسة، وهي بحسب التقليد القبطي المكان الذي احتمت به العائلة المقدسة أثناء وجودها في المنطقة، وتعد من أكثر الأماكن التي يقصدها الزائرون لما تحمله من قدسية ورهبة روحية.
اهتمام الدولة وتطوير المسار
ويحظى دير جبل الطير باهتمام كبير ضمن مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة، حيث شهدت المنطقة أعمال تطوير شملت تحسين الطرق المؤدية للجبل، وإنشاء ممشى حجري، وساحات مخصصة للصلاة، ومناطق خدمات لاستقبال الزائرين، في إطار خطة الدولة لجعل الموقع مؤهلا لاستقبال السياحة الدينية، خاصة بعد إدراجه ضمن برامج الحج المسيحي.
احتفالات سنوية وزيارات بالملايين
وتشهد المنطقة احتفالا سنويا كبيرا بذكرى زيارة العائلة المقدسة، يقام عادة في الفترة من 1 إلى 8 يونيو من كل عام، ويستقبل خلاله الدير أكثر من مليوني زائر من مختلف محافظات مصر، في واحد من أكبر التجمعات الدينية بمحافظات الصعيد.
ويظل دير السيدة العذراء بجبل الطير شاهدا على عمق التاريخ المصري، ومقصدا روحيا وسياحيا يجمع بين الإيمان، والتراث، والطبيعة الخلابة، ليبقى واحدا من أهم الكنوز الأثرية بمحافظة المنيا ومصر كلها.